يروي مترجم وقائد طائرة الرئيس الراحل هواري بومدين، آيت سعيد أكلي، في لقاء خصّ به ''الخبر'' بمستشفى الأمراض العقلية فرانتز فانون بالبليدة، تفاصيل آخر سفرية للرئيس قادته إلى الاتحاد السوفياتي، قصد إجراء فحوصات أخيرة وتشخيص أعراض المرض في خريف 1978. القذافي سافر مع بومدين إلى موسكو لإجراء عملية جراحية، هكذا بدأ قائد الطائرة الرئاسية بوينغ 727/200 كلامه في ثقة وهدوء، مستذكرا رحلة الوفاة التي طار فيها بالرئيس هواري بومدين، حيث أن الطائرة الرئاسية حلقت باتجاه ليبيا وحطت بمطارها الدولي، والتقى فيها بومدين بمعمر القذافي. وبعد ساعات، عاودت الطائرة رحلتها، وكان من بين المسافرين القذافي الذي رافق بومدين في سفريته نحو سوريا، التقى فيها بالرئيس حافظ الأسد ومعمر القذافي في جلسة عمل، ليقضي يومين هناك، ثم غادر دمشق باتجاه موسكو رفقة القذافي الذي سافر لإجراء عملية جراحية على النخاع العظمي. وفي آخر اجتماع مع الأطباء، يقول محدثنا إنهم طلبوا منه الانصراف حتى لا يسمع كلامهم، ويذكر أن نتائج الفحوصات التي أجريت خلال مدة شهر من قبل 6 أطباء أعضاء بالأكاديمية العلمية العليا بالاتحاد السوفياتي، جاءت كلها متباينة، ويؤكد أنه بعد يومين، نقل الأطباء خبر النتائج السلبية إليه، ونقلها بدوره إلى بومدين، وأخبره بأن الأطباء اتفقوا على نتيجة واحدة، بأنه لم يتبق له إلا شهر واحد للعيش. يتوقف آيت سعيد أكلي ويقول إن بومدين عند إخباره بنتائج الفحوصات، لم يتفاجأ وكان هادئا، إذ أجابه بأنه يؤمن بكلام الأطباء، وأنه كان مستعدا لذلك المصير. وفعلا، يقول إن التاريخ المحدّد من قبل الأطباء كان دقيقا، وكأن تاريخ الوفاة تمت برمجته. وكانت العودة إلى الجزائر عبر الخط بين موسكو وبلغراد والجزائر، بينما كانت حالة الرئيس الصحية تتدهور يوما بعد يوم. وعند التحليق فوق أجواء قسنطينة، صدر أمر بالهبوط في مطار بوفاريك العسكري بدل الهبوط بمطار الدارالبيضاء بالعاصمة. وببوفاريك، يقول محدثنا: ''منعت رفقة طاقم الطائرة من النزول، ونزل بومدين ومرافقوه من الباب الخلفي، واختفى وسط الضباب. وكانت تلك آخر رحلة لي مع الراحل هواري بومدين''.