الرئيس الراحل رفقة زوجته أنيسة انتهينا في الحلقة السابقة إلى سؤالٍ يمثل إشكاليةً بالنسبة للمهتمين بحياة بومدين، هي: محاولة جادة لمعرفة إن كان قد تعرض للاغتيال عند معالجته من طرف الأطباء؟ وهو سؤال لم يتبع بإجابةٍ ذات طابعٍ مؤامراتي، وإن كانت تصريحات الأطباء بعد وفاة بومدين بسنوات قد أشارت بوضوح إلى صراعٍ بين مدارس الطب الغربية والمدرسة الروسية في ذلك الوقت. * * * المسؤولون الجزائريون والأنابيب... والتعجيل بالموت * * أسرار المرض وخوف السوفيات... وحسم الزعيم * * حكومات وأطباء وخصومات في اللحظات الأخيرة * * وبغض النظر عن تعليقات الأطباء وتصريحاتهم، فإن الاهتمام الذي أولته الدولة الجزائرية للحالة الصحية للزعيم الراحل يمثل مفخرةً، مما يبعد الشك الذي ساد إلى حينٍ من الوقت وتركز حول قناعة البعض من أن أطرافاً جزائرية ساهمت في اغتياله، إن لم يمكن بشكلٍ مباشر فبطريقةٍ غير مباشرة، من ذلك عدم الاهتمام بصحته. * * المتهمون الثلاثة * الرؤية السابقة لمرض بومدين وبراءة المسؤولين في الدولة، بل وخوفهم على حياة بومدين، لا ينفي أقوالاً أخرى رُوِّجت، قد تكون صحيحةً في مجملها وإن كانت غير ذلك في التفصيلات، من هذه الأقوال: * - اضطر مسؤولون مؤثرون في صناعة القرار، وهم ثلاثة، بعد أن دخل بومدين في غيبوبة طويلة وصار ميئوساً من شفائه إلى اتخاذ موقفٍ جريءٍ ربما لم يكونوا هم أنفسهم راضين عنه، وهو نزع الأنابيب التي كانت تمد بومدين باستمرارية البقاء على قيد الحياة. * إن صحت هذه الأقوال فإننا نجد أنفسنا اليوم أمام السؤال التالي: ماذا يفعل المسؤول أو الراعي إذا كان من مصلحة الدولة التعجيل بوفاة قائدٍ ما؟... لا شك أن للمسألة بعداً دينياً وهي متروكة لذوي الاختصاص، هذا إذا سلمنا أن الأمر في حالة بومدين مقصودٌ به إنقاذ الدولة وليس التعجيل بالاستيلاء على الحكم. * لا تزال لحظة نزع الأنابيب مؤثرةً إلى أبعد حد ولدرجة البكاء لأولئك الذين عاشوا اللحظات الأخيرة لوفاة بومدين، وعليّ أن أؤكد هنا أنّي لست طرفاً في هذا الموضوع لأن راوي القصة شخص واحد، ولم يتسنَّ لي أن أقابل المعنيين بالأمر أو حتى أطرح عليهم الموضوع لسببين رئيسيين: الأول: أنني تعهدت للشاهد بأن لا أذكر أسماءهم حسب طلبه، والثاني: خوفاً عليه وأيضاً خوفاً على علاقة السلطة ونمطها في الدولة الجزائرية من أن نعود مرة أخرى لفتح ملفات باتت بحكم الواقع ماضٍ، والناس اليوم في بلادنا يهمهم الحاضر كما أنهم يرفضون أن يظلوا تحت رحمة ذكريات الماضي. * المهم أن السلطات الجزائرية وفي أعلى المستويات اهتمت بمرض بومدين لدرجة تبعد عنها أي اتهامٍ بالتراخي أو التخاذل، ومع ذلك فإنها لم تستطع أن تكون بعيدة عن الصدام بين الغرب والشرق في مجال الطب. * * شهادة »يافاجيني« * وإذا كانت »بروسترويكا« الرئيس الروسي السابق »ميخائيل جورباتشوف« قد أثرت سلباً على بلاده، فإنها من ناحيةٍ أخرى كشفت عن أسرارٍ تعلقت بالعلاقات الدولية، ما كان لنا أن نعرفها لولا السقوط المروّع لتلك الإمبراطورية، مما ساعد على معرفة كثير من الأسرار ومن بينها تلك المتعلقة بصحة الرؤساء والقادة، وهو ما يظهر جلياً في كتاب »شازوف يافاجيني« كبير أطباء الكريملن والذي نشره تحت عنوان »السلطة والصحة«... يهمّنا هنا الجزء الخاص بمرض الرئيس هواري بومدين، والذي نُشِر في صحيفة »الأنباء« الكويتية بتاريخ 25 نوفمبر 1992، وقامت بترجمته الدكتورة »إيمان يحيى«. * فقد ذهبت الصحيفة »الأنباء« الكويتية، للقول إلى أن ما ذكره البروفيسور يافاجيني يعد إحدى مفاجآته، ورأت أن ما تضمنه الكتاب عن وفاة بومدين فتح الباب واسعاً للملابسات السياسية التي أطاحت بالزعيم الجزائري من تاريخ بلاده والمنطقة العربية، ويضع أمام الجميع مسؤولية فتح ملفات موت ومرض الرئيس الجزائري من جديد. * بعد هذا التعليق تترك الصحيفة شازوف يتحدث عبر مقاطع ترجمتها من كتابه حيث يقول: »واجه الإدارة الرابعة التابعة لوزارة الصحة السوفياتية على الصعيد الداخلي إحباط، سعت دوائر معينة في الشرق والغرب للاستفادة منه لتحقيق أهدافها السياسية... ولقد سادت في الأحداث غُربةٌ، رغم أنني خبرت خلال عملي كافة النوازع الأنانية والشريرة للزعماء السياسيين ومراعاة المصالح القومية بين الدول المتنازعة، وكانت قمة ما حدث لمرحلة علاج الرئيس الأسبق هواري بومدين واحدة من هذه الإحباطات والأحداث الغريبة التي تكشف عن اللاّأخلاقية التي تنطوي عليها الصراعات السياسية أحياناً«. * وأضاف شازوف: »كانت قمة المأساة في محاولة استغلال مرض واحتضار زعيمٍ عربيٍ كبير من أجل غاياتٍ سياسية خسيسة، ولزعزعة الثقة بيننا وبين الجزائر وبث الكراهية من خلال التشكيك في الطب الروسي«. * السؤال هنا ما هي اللاّأخلاقية التي يتحدث عنها الطبيب شازوف وكيف استغل مرض بومدين من طرف الغرب، وهل فعلاً زعزع مرضه الثقة بين السوفيات والجزائريين، وهل الصراع بين الشرق والغرب يشمل كل المجالات بما في ذلك الإنسانية والتي منها المرض والعلاج؟. * * »كوسيجين« وغيوم سبتمبر * قد نجد إجابات الأسئلة السابقة، أو بعضاً منها، في أقوال وشهادات البروفيسور شازوف، الذي يواصل حديثه قائلاً: * »تبدأ القصة أيام شهر سبتمبر الملبّد بالغيوم عام 1978... اتصل بي »أليكسي كوسيجين« رئيس الوزراء السوفياتي آنذاك، وقال بينما جاء صوته مضطرباً عبر الهاتف: * - لقد وصلتني للتو برقية من الجزائر تخبرنا بأن الرئيس »هواري بومدين« قد استقلّ الطائرة صباح اليوم متجهاً إلى موسكو للعلاج. * توقف لحظةً كوسيجين وأضاف وفي نبرة صوته الدهشة: * - الغريب أن هذا الطلب جاء مفاجئاً، إذ لم تطلب الجزائر من قبل تنظيم رحلة علاجٍ لبومدين. * ثم سألني كوسيجين: * - ربما تعرف شيئاً عن هذا الموضوع... * أجبته: إنني مثله تماماً أسمع بالنبأ للمرة الأولى. * ثم يضيف شازوف قائلاً: * - أتذكر أن كوسيجين أضاف قائلاً في المكالمة الهاتفية ذاتها: يبدو أن شيئاً غير طبيعي حدث! * وأشار إلى أنه من غير المستبعد أن يكون بومدين مريضاً وأن المسؤولين في الجزائر يحاولون إخفاء طبيعة مرض زعيمهم كما يحدث في البلاد العربية عادة، وأن دبلوماسيين في الجزائر لم يتابعوا الموقف جيداً ليعرفوا ماذا حدث. * انتهت مكالمة كوسيجين بتكليف شازوف باستقبال بومدين لدى هبوطه في المطار ونقله للعلاج فوراً، واقترح أن يقيم بومدين في مستشفى شارع »ميننستورنسكي« في موسكو، حيث القليل من المرضى مما يمكن السوفيات من الحفاظ على سرية رحلة الرئيس الجزائري وإخفاء شخصيته. * يضيف شازوف: لسوء حظ الأطباء الروس بدا وكأن الرئيس بومدين ذهب إلى الاتحاد السوفياتي في صحة طيبة أو على أسوإ تقدير مصاب بمرض ضعيف، وبعد شهرين عاد إلى بلاده في حالةٍ خطيرة تصحبه مجموعة من الأطباء السوفيات، غير أن الذين روّجوا لهذا التصور لم يسألوا أنفسهم لماذا اضطر بومدين لقطع آلاف الأميال بطائرة للعلاج في الاتحاد السوفياتي؟ وهل كانت تلك الرحلة المضنية لمجرد الاستشفاء من مرضٍ بسيط كالزكام مثلا؟ً... ألم يكن باستطاعة الرجل حينئذ أن يستريح في منزله بضعة أيام؟! * يواصل شازوف: بعد إجراء الفحوص الأولية لم يعد لدينا أي شك في أن الرئيس الجزائري يعاني من مرضٍ شديد، قد يكون ذا طبيعية فيروسية، وتمثلت مضاعفات المرض في التهاب وتسمم الكبد. * بدا للوهلة الأولى وكأن المرض يتراجع نتيجةً للعلاج، كما بدأت أمراض وعلامات التهاب الكبد في الاختفاء، ولكن قلقنا استمر لأن جسد الرئيس الجزائري لم يتخلص بعد من هزاله ودرجة حرارته تعاود تسجيل ارتفاعٍ خفيف، وكرات الدم البيضاء تتزايد هي الأخرى وإن كان ذلك ليس تزايداً شديد الارتفاع، كما لاحظنا تغيرات مختلطة باختلال جهاز المناعة، وظهر ذلك الاختلال بصورة واضحة على مادة الجلوبيولين الطرفية. * * السوفيات ورهبة الموت * لنتوقف قليلاً هنا أمام ما قاله البروفيسور شازوف، حيث بدت حالة بومدين آخذة في التدهور بعد أن بدأ علاجه في موسكو، وقد أرجع الأطباء ذلك إلى اختلال في جهاز المناعة، وهذ الاختلال هو الذي يرجح اغتياله بالسم كما سنرى لاحقاً، لذا من الضروري أن نتساءل هنا: لماذا يريد الأطباء السوفيات التأكيد على أن بومدين كان في حالةٍ خطيرة حين وصل إلى العلاج لدرجة أن السلطات الجزائرية أبلغتهم حضوره دون انتظار الرد؟ * يبدو أنهم إلى الآن يشعرون بالذنب تجاه بومدين حين عجزوا عن إنقاذه، مع أن الأمر يتجاوزهم، وأيضاً لشعورهم بعقدة نقصٍ أمام الطب الغربي، مع أن الأطباء الغربيين حضروا للجزائر ولم يستطيعوا فعل أي شيء. * الإحساس السابق نجده واضحاً في ما كتبه كبير أطباء الكريملن حول علاج بومدين بقوله: * »لقد شارك في التوصل إلى تشخيص حالة بومدين ووضع نظام العلاج لها أفضل الأطباء السوفيات، وجرت جميع المداولات والمشاورات في حضور الزملاء من الأطباء الجزائريين، كما كانت زوجة الرئيس الجزائري تتابع الموقف أولاً بأول، حيث وصلت معه على الطائرة ذاتها... وأتذكر كذلك أننا لجأنا إلى طريقةٍ حديثةٍ للعلاج تدعى »بلازما فورسيس« كسلاح لمواجهة تراكم المواد الضارة في الدم بعد أن تجادلنا وتشاورنا باستفاضة، ولكن شبح رحيل بومدين في أي لحظةٍ بسبب نزيف المخ أو احتشاء القلب أو تغيراتٍ خطيرة تصيب الرئتين كان ماثلاً أمامنا بقوة. * واضح من شهادة كبير أطباء الكريملن أن القيادة السوفياتية لم تكن تنظر إلى علاج بومدين من ناحيةٍ إنسانيةٍ فقط لجهة نجاحها أو فشلها، وإنما ربطتها بعلاقتها المتميزة مع الجزائر، لذلك فضلت أن يتم إكمال علاج بومدين في بلاده لدرجة جعلت شازوف يحذر قيادة بلاده من وفاة بومدين في موسكو، وقد أيده »أليكسي كوسيجين« بالرد السريع حين قال: * »من الأفضل الاستمرار بالعلاج في الجزائر، ويمكننا أن نبعث بأفضل الأطباء والعقاقير والأجهزة اللازمة إلى هناك، لأن رحيل بومدين وهو فوق أراضي الاتحاد السوفياتي من شأنه أن يحدث ردود فعل سلبية في الجزائر والعالم العربي، وقد يضيف المزيد إلى أوضاعٍ غايةً في التعقيد بين موسكو والدول العربية«. * * شجاعة »بومدين« ورغبة »أنيسة« * واضح أن القيادة السوفياتية كانت في حيرةٍ من أمرها وتساءلت كيف لي أن أطلب من بومدين العودة إلى بلاده لإتمام العلاج، وما هو مستقبل العلاقة بيننا وبين الجزائر في حالة وفاته في أي لحظة، وأنقذها بومدين مما هي فيه وذلك حين تصرف وكأنه في كامل صحته، إذ قبل أن يبادر السوفيات إلى هذا الطلب سارع هو إليه، حيث يقول شازوف: * ... لحسن الحظ كانت وجهة نظر الرئيس بومدين نفسه مطابقة لرأي الزعامة السوفياتية، فقد أدرك أن غيابه عن وطنه وتزايد الأقاويل حول مرضه العضال داخل الجزائر قد يؤدي لعواقب غير مأمونةٍ... كما أن زوجته أنيسة شجعت قراره بالعودة إلى الجزائر، واشترط بومدين علينا قبل العودة أن يصحبه فريق من الأخصائيين السوفيات، وأن يبقى الفريق في الجزائر لمواصلة العلاج وهو ما وافقنا عليه. * شهادة شازوف السابقة تطرح العديد من التساؤلات لعل أهمها: * - لماذا شجعت زوجته أنيسة قرار العودة؟ وهل باتت ومعها الدولة الجزائرية تشكان في العلاج الروسي؟ * - وإذا كان الأمر كذلك فهل نسيت أنيسة أن بومدين هو الذي فضل العلاج في الاتحاد السوفياتي؟ * - هل أن بومدين حين طالب بالعودة أحسّ بقرب أجله ففضل أن يموت في بلاده؟ * - هل اشتراطه مرافقة الأطباء الروس وبقائهم يكشف عن قناعته بقدرتهم؟ * بغض النظر عن الإجابات فإن الواضح أن الدولة الجزائرية لاحظت تدهور صحة الزعيم، فحاولت إنقاذه مهما كانت التكلفة، وهذا يتطلب اتساع الحركة وسرعتها أيضاً. * وتوضح لنا مقاومة بومدين للمرض اتخاذه للقرارات الصائبة حتى في لحظات الألم، فقد مهد لاتخاذ قرار العودة بإصراره، إبعاداً لدولته عن الحرج وإنقاذاً للاتحاد السوفياتي من الخوف الذي انتاب قادته، لذلك تأثر به الروس عند مغادرته لبلادهم، حتى أن شازوف يقول عن تلك اللحظات المؤلمة: * ... لن أنسى لحظات وداع بومدين لدى إقلاع طائرته من الاتحاد السوفياتي، كان لتلك اللحظات تأثير خاص في نفسي... كنت على استعداد لعمل كل شيء وأي شيء لأجل هذا الرجل، الذي جمعتني به أواصر صداقة وتعاطف مع آلامه تمت بقوة أثناء العلاج، إلا أنني في الوقت نفسه كنت على وعيٍ بعجز الطب أمام حالته الخطيرة، وكان بومدين كذلك متعكر المزاج في تلك اللحظات... لحظات وداعه للاتحاد السوفياتي«. * المهم أن بومدين عاد إلى الجزائر في صحبة مجموعة من كبار أساتذة الطب السوفيات، وبعدها بأيامٍ قليلة وصلت من سفارة الاتحاد السوفياتي بالجزائر إلى موسكو أنباء مقلقة على الروح العدائية التي تحيط بالأطباء السوفيات قد تصل إلى حد تهديد حياتهم، الأمر الذي لم تؤكده أية وثائق جزائرية، كما أبلغ السوفيات بأن الوضع الصحي لبومدين ازداد حرجاً مع ظهور أعراض اختلال الدورة الدموية في المخ، التي بدأت عقب عودته إلى الجزائر، الأمر الذي دفع بالجزائر لاستدعاء الأطباء من كل مكان، وهنا دخل الطب الغربي في تنافسٍ واضح مع الطب السوفياتي. * * للأمريكيين حضورٌ ونصيب * بقدوم الأطباء من كل حدبٍ وصوب أصبح الموقف محرجا وصعبا للأطباء السوفيات، خصوصاً بعد أن حاول ممثلو الطب الغربي وبالذات الفرنسيون أن يسفّهوا التشخيص الذي توصل إليه الأطباء السوفيات. * وكان للأطباء الأمريكيين حضورٌ واسعٌ، ففي 21 نوفمبر وصل إلى الجزائر خمسة أطباء عسكريين أمريكيين تابعين للحلف الأطلسي، ويقيمون في ألمانياالغربية ومعهم أجهزة إنعاشٍ جديدة. * في اليوم التالي حمل أربعة اختصاصيين من مستشفى »ماسومتوميتش« في بوسطن أجهزة أخرى للإنعاش معهم إلى الجزائر، وأتبع هؤلاء بعد ذلك بعشرة اختصاصيين أمريكيين آخرين. * بعد أيامٍ قليلة لحق بهؤلاء اختصاصيان شهيران من تونس وآخر من لبنان، ثم لحق بهم أربعة أطباء إنعاش بريطانيين وأربعة اختصاصيين يوغوسلاف وسويديان وخمسة يابانيين وألمانيين وثمانية اختصاصيين صينيين. * وأرسلت ألمانياالغربية جهاز كاميرا تعمل بأشعة جاما فضلاً عن سكانير، وذهبت الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى أبعد حد عندما أرسلت طائرة شحن عسكرية عملاقة تحمل مختبراً نقالاً مزوداً بجهاز سكانير للمخ شديد التطور. * ولم يكن هذا العدد من الأطباء مفيداً لبومدين لطبيعة الصراع الذي وقعت بين الأطباء الغربيين والأطباء الروس، حتى أن »سورا«، الطبيب الروسي الشهير الذي كان ضمن الفريق الطبي ذهب إلى القول: * » "كانت المناقشات في الكونسلتو حامية الوطيس، لكن أحداً من الأطباء لم يقترح أية إضافة جديدة لنظام العلاج الذي كنا قد وضعناه في موسكو«. * بعد مداولات ومتابعة ومراقبة انتهى ذلك العدد الهائل من الأطباء الذي كان ضمنه رجل متقدم في السن من دولة السويد هو الطبيب الشهير »والدنستروم«، الذي سمي المرض باسمه في حالاتٍ سابقة، ولم يكن معه إلا مرافق واحد وخبرته السابقة، الذي استطاع اكتشاف المرض، وكانت النتيجة معروفة مسبقا حين يدخل المريض مرحلته الأخيرة، وكان بومدين قد دخلها بالفعل. * لقد وضع تفسير الطبيب السويدي حداً لجميع التفسيرات والتأويلات التي تضاربت بين الفرق الطبية، فكيف تم له ذلك؟ وأين كان بوتفليقة في هذا الوقت؟ وما قصة رسالة ديستان لبومدين ورسالة بومدين للملك الحسن الثاني؟... نتابع ذلك في الحلقة المقبلة. * * * في الحلقة المقبلة: * اغتيال بومدين... الشهادات والوقائع (4-3) * يوم أن كان »بوتفليقة« وزيراً و»ديستان« رئيساً و»الحسن الثاني« ملكاً * تصريحات بوتفليقة في زمن المرض. * بومدين وديستان: الرسالة واللغز. * رسالة بومدين الأخيرة للحسن الثاني.