تشهد مختلف أسواق الأواني المنزلية ومحلات الملابس الجاهزة في رمضان، توافدا كبيرا من طرف المغتربين خصوصا الشباب، الذين وجدوا فيها فرصة لاقتناء ملابس من ماركات عالمية، عجزوا عن الحصول عليها في بلدانها الأصلية لارتفاع أسعارها. التقينا الكثير منهم ونحن نتجول عبر بعض أسواق الجزائر العاصمة، وعلى رأسها سوق الحميز وكذا سوق ''دبي'' بباب الزوار، الذي تعرض فيه مختلف السلع. إنهم عينة من المهاجرين، خاصة القادمين من فرنسا، الذين قدموا هذه السنة بكثافة للجزائر لقضاء شهر الصيام مع عائلاتهم. وجدناهم محمّلين بسلع كثيرة وتدل عليهم لهجاتهم وطريقة حديثهم مع التجّار، حيث لا يملون من التفاوض لمدة طويلة مع الباعة حول أثمان السلع، وبمجرّد انصرافهم يتنفسون الصعداء. وفي هذا السياق، عبّر أحد التجار عن تذمّره من التعامل مع المغتربين، مشيرا إلى أن السوق شهد منذ أيام إقبالا كبيرا لعدد من العائلات الجزائرية المقيمة بفرنسا، التي باتت تقبل على اقتناء حاجياتها خلال تواجدها بالجزائر، لتأخذها إلى فرنسا بسبب غلاء الأسعار هنالك مقارنة بالجزائر. إقبال المغتربين على اقتناء تلفزيونات من نوع ''البلازما''، هو ما لاحظناه ونحن نتجول بمحلات سوق باب الزوار. وبمحلات بلكور والعربي بن مهيدي، كان إقبالهم على محلات بيع الأحذية، ومن بينها محل بشارع العربي بن مهيدي خاص بالأحذية، حيث وجدنا سيدة تجاوزت الأربعين من العمر رفقة زوجها وأطفالها الأربعة، وبينما كان الصغار يختارون الأحذية الرياضة، انزوت والدتهم بإحدى زوايا المحل حاملة بيديها آلة حاسبة قالت، حينما سألنها، إنها تريد معرفة سعر الأحذية المعروضة بالأورو من خلال عملية حسابية، لتضيف أن سعر ثلاثة أزواج من الأحذية الرياضية بالجزائر يضاهي سعر واحد بفرنسا. كما كان للصغار حظ فيما يبتاعه المهاجرون من الجزائر، حيث لاحظنا إقبالهم على اقتناء ملابس الصغار التي أكدوا أن أثمانها جد مرتفعة بفرنسا، مؤكدين أن سعرها بالدينار الجزائري يقل 3 إلى4 مرات عنه بالأورو. ولم تسلم الستائر وأواني المطبخ وقطع الأثاث بل وكذا أجهزة الاستقبال ''ديمو'' وأجهزة التلفزيون ''بلازما''، حيث أكد لنا تجار الأجهزة الإلكترونية ب''الحميز''، أن المهاجرين يشكلون نسبة معتبرة من زبائنهم، معلّلين إقبالهم على اقتناء تلك الأجهزة بغلاء ثمنها بالأورو، مقارنة بالدينار الجزائري، ليؤكدوا أن الأجهزة التي يتم تركيبها بالجزائر تشكل الأكثر إقبالا خاصة أن الفرق في السعر بينها وبين الفرنسية يتراوح بين 30 و60 ألف دينار. وعن هذه المسألة، أكد لنا السيد نبيل المقيم ب''ليون'' الفرنسية، أنه اشترى جهاز ''بلازما'' من الجزائر بسعر يقل 5 مرات عنه بفرنسا. من جهتها، شكلت الستائر أهم مقتنيات النسوة المهاجرات، وعنها أكدت السيدة فضيلة مقيمة بمدينة ''ليل'' الفرنسية، التقيناها بمحل لبيع الستائر محاذٍ ل''مارشي ''12 ببلكور، أنها قررت تغيير ستائر بيتها بعدما وقفت على موديلات وأنواع الستائر المعروضة بذات المحل وغيره من المحلات بالجزائر العاصمة، موضحة بأنه إضافة على جودتها فأسعارها جد معقولة، ''فسعر ستائر نوافذ غرفة الاستقبال مثلا لا تتعدى ال6000 دينار، أي ما يعادل 40 أورو، وهو سعر جد معقول مقارنة مع أسعارها بفرنسا. تهافت على ''لاكوست'' و''نايك'' سوق ''جامع ليهود'' بالعاصمة، يعرف هو الآخر حركية كبيرة هذه الأيام، فرغم أن العيد تفصلنا عنه عدة أيام، إلا أن المتجول فيه يلاحظ تهافت العشرات من الشباب على السلع المعروضة خصوصا الأحذية الرياضية من الماركات العالمية على غرار ''لاكوست ونايك لاريني وريبوك''، وحتى المعاطف الشتوية والسترات الجلدية. اقتربنا من أحد المحلات على طول الطريق، حيث أخبرنا صاحبه أن أغلب زبائنه هذه الأيام من الجزائريين المغتربين، الذين جاؤوا لقضاء شهر رمضان لدى الأهل، فاغتنموا الفرصة لاقتناء ما يلزمهم خصوصا الأحذية الرياضية وسراويل الجينز، على غرار مهدي 23 سنة مقيم بمدينة ملاقا الإسبانية، جاء لتمضية شهر رمضان رفقة عائلته في باب الوادي، والذي كان بصدد البحث عن ''نايك لاريني'' صفراء اللون لتلائم البذلة الرياضة التي اقتناها. وعن سبب شرائه ملابس من ''جامع ليهود'' بدل إسبانيا، رد قائلا: ''الأزمة أثرت علينا كثيرا، حيث إنه لم يعد بإمكاني شراء ''سيرفيت نايك حرة'' ب300 أورو على الأقل، فلجأت إلى هنا لأنني حتما سأجد السلع التي أريدها بنفس جودة السلعة الأصلية وثمن أقل''. أما بشارع حسيبة بن بوعلي، حيث تنتشر محلات بيع الألبسة الرجالية خصوصا الشبابية، وجدنا عددا كبيرا من الشباب يقتنون سراويل الجينز، منهم ''ينيس عليوة'' الذي كان مصحوبا بأمه وأخته، لمساعدته على الاختيار، فوالدته تقول: ''نحن نقيم بفرنسا وكلما نأتي في عطلة إلى الجزائر، نغتنم الفرصة لشراء سراويل الجينز المزركشة التي لا نجدها هناك، لأنه لا يسمح بدخول السلع المقلدة، وإن وجدت فإن ثمنها يكون جد مرتفع، إذ تتراوح ما بين 100 و200 أورو''.