و الملاحظ أن المغتربين يذهبون محملين بسلع مختلفة اقتنوها من الأسواق الجزائرية، نظرا لانخفاض أسعارها، بأكثر من نصف عن مثيلتها بالأسواق الأوربية ، مثلما أكدته شهادات اغلب الذين قابلناهم من المغتربين أمام ميناء الجزائر. فاطمة ربة أسرة وهي مقيمة بمدينة " نيس" الفرنسية منذ 12سنة، تقول أنها تعودت على زيارة الجزائر كل سنة بالنظر للفرص المتنوعة للتسوق، وواصلت " لقد قضيت 40 يوما في الجزائر وهي مدة كافية مكنتني من التردد على الأسواق الشعبية والمحلات بالعاصمة، وقد اشتريت جميع الأغراض الخاصة بالدخول المدرسي لأطفالي الثلاثة، كالملابس المآزر الأدوات المدرسية، بالإضافة إلى مستحضرات التجميل كالصابون، الغاسول، العطور،معجون الأسنان، المنظفات ، إلى جانب بعض أغراض البيت كالأغطية، الستائر ، السجاد التي تعرض بأسعار جد تنافسية، عن تلك التي تعرض بالأسواق الفرنسية ." وقد صبت شهادة السيد محمد، الذي قضى عطلته الصيفية وعائلته بمدينة بوقادير بولاية الشلف في نفس السياق ، فقد اشترى كل ما يلزمه وهو الان في طريقه إلى مدينة مارسيليا، وقال انه حول المبلغ الذي جلبه معه من فرنسا في السوق الموازية أي بواسطة الاقارب ، وقد اقتنى العديد من الأغراض التي يحتاجها كقطع الغيارالخاصة بالسيارات ، القهوة، الشاي ، مجموعة من الألبسة كالبنطلونات والأحذية و الاقمصة،واصباغ الشعر، شفرات الحلاقة، الجوارب، الحلويات المختلفة، بالإضافة إلى لعب الأطفال التي هي رخيصة جدا مقارنة بالموجودة بالسوق الأوروبية.".وارجع السبب في ذلك إلى التهاب أسعار السلع بفرنسا خلال هذه السنة ، كنتيجة لارتفاع الاورو بسبب الزيادات التي سجلتها أسعار البترول. السيدة بختة هي الأخرى مغتربة بمدينة مارسيليا، التي تضم اكبر عدد من الجالية الجزائرية، قالت أنها دهشت وهي تزور ارض الوطن، بعد أخر زيارة قامت بها منذ ستة سنوات، وقد سجلت هذه المرة وجود فرق كبير في نوعية السلع و انخفاض أسعارها ، وهو ما جعلها لاتفوت الفرصة ، لتقتني ما تحتاج اليه " لقد اشتريت كل المستلزمات الخاصة بشهر رمضان كالزبيب ، العينة اللوز، المشمش المجفف و الألبسة التقليدية التي تحرص العائلات الجزائرية على ارتدائها خلال الأعياد و الأفراح ." جهاز العروس أصبح أيضا يقتنى من الجزائر، فهذا ماجاء على لسان السيدة "كريمة" التي لم تفوت فرصة شراء مختلف المستلزمات الخاصة بالعرس كالأواني،التجهيزات الكهرومنزلية الخفيفة الوزن و"الصالون المغربي "، بالإضافة إلى بعض هواتف نقالة التي تنتمي إلى نفس الجيل الذي يعرض حاليا بفرنسا، فهي بتصاميم عصرية ومتطورة. وخلص جميع المغتربين الذين التقيناهم للقول أنهم سيعودون السنة القادمة لشراء سلع مختلفة وهو ما يمكنهم من توفير مبالغ مالية معتبرة. سوق الجرف بباب الزوار الوجهة المفضلة للمغتربين بالعاصمة سوق الجرف الكائن ببلدية باب الزوار أو ما يعرف بسوق "دبي"، هو احد الوجهات المفضلة للمغتربين الذين يزرون ارض الوطن خلال عطلة الصيف، وهذا لان هذا السوق معروف بأسعاره المنخفضة مقارنة بأسواق أخرى بالعاصمة من جهة، بالإضافة إلى كونه يضمكل انواع السلع من ألبسة إلى أغطية إلى أواني إلى أجهزة كهرومنزلية وقطع الغيار. وكان محل "الملك المصري" محطتنا الأولى، حيث سألنا صاحبه وهو مستثمر مصري، عن ما إذا سجل زيارة بعض الزبائن من فئة المغتربين إلى محله، فقال انه استقبل العديد من المغتربين خلال هذه الصائفة، الذين اقتنوا سلع مختلفة مرجحا إمكانية إعادة تسويقها بفرنسا نظرا لانخفاض أسعارها عن تلك المعروضة بالأسواق الأوروبية. وفي نفس الرواق يوجد محل متخصص في تسويق الأغطية و الستائر، حيث أكد صاحبه "كريم " أن " المغتربين يشترون كل شئي ،خاصة الأغراض التي يقل عرضها بفرنسا ، كالا فرشة التقليدية "الصالون المغربي" الذي يسوق ب30الف دج فقط ، أما بفرنسا مثلا فلا يمكن اقتنائه بأقل من 60الف دج، ونفس الشيء يقال على الأغراض الأخرى التي تقل أسعارها على العموم من 10الف إلى 20الف دج . أما "رابح"صاحب محل متخصص في الألبسة القبائلية، فالصيف بالنسبة له فرصة مميزة لاستقبال زبائنه المغتربين، الذين يقصدونه لأخذ الألبسة التي يحتاجونها، وعادة ما يقدمونها كهدايا للأهل والأصدقاء عند عودتهم إلى ديار الغربة. الديمو، دي في دي ، و المطاحن الاليكترونية و المجففات تحتل صدارة المشتريات حسب ما جاء على لسان أغلبية تجار الأجهزة الكهرومنزلية بسوق الجرف، فان أجهزة "الديمو" و " دي في دي " و المطاحن الاليكترونية للخضر و مجففات الشعر تتصدر قائمة مشتريات المغتربين الذين مروا على محلات هؤلاء التجار خلال عطلة الصيف. وذكر التجارالذين قابلناهم أن السر من وراء اقتنائهم لمثل هذه السلع يرجع إلى إمكانية توفيرهم مابين ألف إلى ألفي دينار جزائري للجهاز الواحد. وأشاروا أن أغلبيتهم يشترون مابين جهازين إلى ثلاثة أجهزة لكل نوع،مرجعين السبب إلى انخفاض أسعارها لان أغلبيتها تجلب من الدول الأسيوية خاصة الصين، كما أن الضرائب الجمركية التي يدفعها التجار الجزائريين تنعكس ايجابيا في نهاية المطاف على السلعة التي يجدها الزبون بأسعار معقولة. محلات "توب شوز"و"لوفيس"و الاركسترا" استقطبت المغتربين تمكنت وحدات بيع الأحذية"توب شوز"المتواجدة بشارع حسيبة بن بوعلى و بلدية الابيار هي الأخرى من تسويق مجموعة كبيرة من السلع خلال فصل الصيف، حيث سجلت إقبالا مميزا من طرف المغتربين، الذين وجدوا السلع رخيصة و بتصاميم جميلة وعصرية، وما زاد في شدة الإقبال هو وضع أغلبية محلات "توب شوز" عبارة "صولد"على واجهاتها. ونفس الانشغال نقلناه إلى كل من محلات " الاوركسترا" لملابس الأطفال و " فارست ليدي " لملابس السيدات ببلدية الابيار ، حيث أكدوا أنهم سجلوا زيارات بعض المغتربين الذين انبهروا في نوعية التصميمات و أسعارها وهو هو ما جعلهم يقتنون حاجتهم من هذه المحلات. وزارة السياحة تؤكد تسجيل زيادة قدرها 10بالمائة في توافد المغتربين أكد المكلف بالاتصال على مستوى مديرية السياحة، التابعة لوزارة تهيئة الإقليم و البيئة و السياحة، السيد "غوتي" "للفجر" ،انه سجل زيادة قدرها 10 بالمائة في عدد المغتربين الذين دخلوا ارض الوطن منذ بداية السنة حتى فصل الصيف،وهذا في انتظار استكمال الإحصائيات الرسمية مع انتهاء عطلة الصيف و انتهاء شهر رمضان المقبل . وواصل أن الحركية السياحة من العواصم الأوروبية نحو الجزائر، هي في تزايد سنة تلو الأخرى ، فاخر الإحصائيات الرسمية تشير إلى دخول 1.6مليون سائح السنة الماضية منهم 12 ألف مغترب. وقد كشفت الدراسة التي أجرتها مديرية السياحة مؤخرا ، أن المغتربين قد غيروا سلوكاتهم ، وهذا بالانتقال من قضاء العطلة في كنف العائلة إلى استئجار شقق بالفنادق و المركبات السياحية، وهذا لان فترة إقامتهم امتدت كما أن الراحة المالية التي أصبحوا يتمتعون بها نظرا للارتفاع المتواصل للاورو مقارنة بالدينار مكنهم من تغطية تكاليف الإقامة بكل سهولة . وتشير الإحصائيات أن الإمكانيات المتوفرة بالسوق الجزائرية تلقى رضى الزبون، الذي يمكن كسب ثقته بتطوير الخدمات السياحية والرفع من مستواها حتى يصبح زبون دائم ، وهذا ما يساعد الجزائر في تحقيق هدفها المتمثل في الوصول إلى ثلاثة ملايين سائح في الخمسة سنوات القادمة. وتجدر الإشارة أن التقرير الأخير للموقع السياحي "توب5" كشف ، أن الجزائر أصبحت الوجهة القريبة المفضلة لدى السواح القادمين من فرنسا، بعدما كانت في السابق تونس والمغرب الوجهتين المفضلتين لديهم. وهكذا فقد تقدمت الجزائر العاصمة على كل من مراكش و لشبونة و برشلونة و تونس. وخلاصة القول أن الأسعار التنافسية لسلع المعروضة بالأسواق الجزائرية بإمكانها توسيع دائرة السواح القادمين من العواصم الأوروبية حتى لا تبقى منحصرة في فئة المغتربين فقط ، خاصة إذا ما تم رفع مستوى الخدمة السياحية إلى المستوى المطلوب و إرساء آليات رقابة أكثر لضخ العملة التي تجلب في المؤسسات المصرفية و ليس بالسوق الموازية حتى تعود بالإيجاب على الاقتصاد الوطني.