لا فرق بين المفطر عامدًا بأكل أو شرب أو جماع، في وجوب الكفّارة التي ذكرنا مع القضاء. ومن رفع نية الصّوم في بعض النّهار متعمّدًا، فلا شيء عليه وصح صومه، إلاّ إن أكل أو شرب عامدًا ذاكرًا لصومه، فعليه القضاء والكفّارة كما قلنا. وكل مَن لزمته الكفّارة فالقضاء عليه واجب، لا تسقطه عنه الكفّارة، وسواء كانت عتقًا أو إطعامًا أو صيام شهرين. وإن أفطر في يومين أو أيّام عامدًا، فعليه لكلّ يوم كفارة، ومن أفطر في رمضان ناسيًا ثمّ أكل في يومه ذلك أو جامع متعمّدًا، فإن كان متأوّلا فيقضي ولا كفّارة عليه، وإن كان قاصدًا لهتك حرمة صومه جرأة وتهاونًا، فعليه الكفارة مع القضاء عند بعضهم، وعند مالك لا يكفّر، لأنّ مَن أكل ناسيًا فهو عنده مفطر يقضي ذلك اليوم، فأيّ حرمة هتك وهو مفطر. وعند غير مالك ليس بمفطر كلّ مَن أكل ناسيًا لصومه. ومَن أفطر يومًا من قضاء رمضان ناسيًا، لم يكن عليه شيء غير قضائه، ويستحب أن يتمادى فيه للاختلاف ثمّ يقضيه. ولو أفطره عامدًا، أثم ولم يكن عليه غير قضاء ذلك اليوم، ولا يتمادى لأنّه لا معنى لكفّه كما يكفّ عنه الصّائم هاهنا، إذ هو غير صائم عند جماعة العلماء لإفطاره عامدًا. وأمّا الكفّارة، فلا خلاف عن مالك وأصحابه أنّها لا تجب في ذلك. قال مالك: ''ليس على مَن أفطر يومًا من قضاء رمضان بإصابة أهله أو غير ذلك كفّارة، وإنّما عليه قضاء ذلك اليوم''. وكلّ ما وصل إلى الجوف من وَجور (دواء يصب في الفم) أو سعوط (دواء يصب في الأنف) أفطره، وعليه في ذلك كلّه القضاء فقط ولا شيء عليه في الحُقنة، لأنّ الفطر ممّا دخل من الفم ووصل إلى الحلق والجوف. ومن استقاء عامدًا، فعليه القضاء لا غير، ومن ذرعه القيء، فلا شيء عليه، إذا لم يزدرد شيئًا من ذلك إلى جوفه.