الصّحابي خباب بن الأرت، رضي الله عنه، وُلد في قبيلة تميم، وأُسر في مكة، فاشترته أمّ أنمار بنت سباع، وكان صانِعًا للسيوف، يبيعها ويأكل من عمل يده. فلمّا سمع عن الإسلام، أسرع إلى النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، ليسمع منه عن هذا الدّين الجديد، فشرح الله صدره، ثمّ أعلن إسلامه ليصبح من أوائل المسلمين. تعرّض خباب لشتى ألوان العذاب، لكنّه تحمّل وصبر في سبيل الله، فقد كانوا يضعون الحديد المحمي على جسده، فما يطفئ النّار إلاّ الدهن الموجود في ظهره. وقد سأله عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يومًا عمّا لقي من المشركين، فقال خباب: يا أمير المؤمنين، انظر إلى ظهري. فنظر عمر، فقال: ما رأيت كاليوم. قال خباب: لقد أوقدت لي نار، وسحبت عليها، فما أطفأها إلاّ ودك ظهري (أي دهن الظهر). وأحبّ خباب العلم، وحرص على سماع القرآن ونشره بين إخوانه المسلمين. ففي أيّام الدعوة الأولى، كان خباب يدرس القرآن مع سعيد بن زيد وزوجته فاطمة بنت الخطاب، عندما دخل عليهم عمر بن الخطاب. وجاءت الهجرة، فأسرع خباب ملبيًّا أمر النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، فهاجر إلى المدينة، وهناك آخى الرّسول، صلّى الله عليه وسلّم، بينه وبين تميم، مولى خراس بن الصمة، رضي الله عنهما. وشارك خباب في جميع غزوات الرّسول، صلّى الله عليه وسلّم، وأظهر فيها شجاعة وفروسية، وظلَّ محبًّا للجهاد في سبيل الله، وشارك في الفتوحات أيّام أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، رضي الله عنهما. وفي عام 73ه، صعدت روح خباب، رضي الله عنه، إلى بارئها، ودفن بالكوفة.