لقد فضّل الله، عزّ وجلّ، ليلة القدر على سائر الأيّام والشّهور، وسمّيت ليلة القدر لعظمها وشرفها وقدرها. ولذا، بوَّب الإمام البخاري في صحيحه: باب كتاب فضل ليلة القدر. يقول الحافظ المنذري: سمّيت ليلة القدر لما تكتب فيها الملائكة من الأقدار، كما قال سبحانه وتعالى: {فيها يُفْرَقُ كلّ أمر حكيم}. وفيها نزل القرآن العظيم من اللّوح المحفوظ إلى السّماء الدنيا، ثمّ نزل به جبريل إلى الأرض في مدة ثلاث وعشرين سنة. أخرج ابن جرير الطبري عن مجاهد قال: كان في بني إسرائيل رجل يقوم اللّيل حتّى يصبح، ثمّ يجاهد العدو بالنّهار حتّى يمسي، فعمل ذلك ألف شهر، فأنزل الله ليلة القدر خير من ألف شهر. وجاء في قوله تعالى: {إنّا أنزلناه في ليلة مباركة}، واللّيلة المباركة هي ليلة القدر، قال تعالى: {فيها يُفرَق كلّ أمر حكيم}. قال ابن عباس: أي يحكم الله أمر الدنيا، ما كان من حياة أو موت أو رزق. وجاء في فضائل ليلة القدر ما يلي: ما ثبت في الصّحيحين: قوله صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدّم من ذنبه''. وما ثبت فيما أخرجه أحمد والنسائي، قوله صلّى الله عليه وسلّم: ''قد جاءَكُم شهر رمضان شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنّة وتغلَق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلّ فيه الشّياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، مَن حرم خيرها فقد حرم''. في ليلة القدر، تنزل الملائكة وجبريل من السّموات إلى الأرض بكلّ أمر قدّر في تلك اللّيلة، قال تعالى: {تنزل الملائكة والروح}. ومن فوائد نزول الملائكة: أنّهم يرون من أنواع الطّاعات ما لم يرونه في سكان السّماوات، ويسمعون أنين العُصاة الّذي هو أحبّ إلى الله من صوت المُسَبِّحين. وفي ليلة القدر، تكون محفوفة بنزول القرآن وشهود الملائكة، وما هي إلاّ سلامة وأمن لا شرّ فيها، قال تعالى: {سلامٌ هي حتّى مَطلع الفجر}. * عضو المجلس العلمي بالعاصمة