ليلة القدر منة ومنحة لهذه الأمة التي يريد الله بها خيراً بتكرار مواسم الخير لها، ومن هذه المواسم ليلة القدر، هذه الليلة العظيمة و المتميزة بعظيم الأجر التي تتوفر عليه و التي يمكن لكل طالب لمضاعفة الحسنات أن يحصل على فضائل هذه الليلة المباركة. ومن بين هذه الفضائل ما اشتملت عليه سورة القدر:أن الله تعالى أنزل القرآن فيها ،قال تعالى : إنا أنزلناه في ليلة القدر،وهذه الآية دليل على فضل ليلة القدر و فضل القرآن الكريم . كذلك من فضائلها أنّها ليلة جاءت في شهر رمضان، قال تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [البقرة:185]. إضافة إلى علوُّ الله تعالى ، فنزول الأشياء منه وصعودها إليه دليل على علوه على خلقه .فإن قيل : لماذا سُميت بليلة القدر؟فالجواب : لما يكون فيها من التقدير ، قال تعالى : فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان:4] .وقيل في سبب تسميتها بما يلي :1- لأنها ذات قدْر وشرف ،.2- من عبد الله فيها كان ذا قدر ، ومن لم يكن ذا قدر صار بقيامها ذا قدر.3- القدر الضيق ؛ لأن الأرض تضيق بالملائكة .4- نزل فيها كتاب ذو قد على أمة ذات قدر بواسطة ملك ذي قدر. في قوله تعالى : وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ قال الرازي رحمه الله :" يعني ولم تبلغ درايتك غاية فضلها، ومنتهى علو قدرها" . ومن بين فضائلها كذلك، أن:ليلة القدر خير من ألف شهر، في المرسل عن مجاهد رحمه الله : أن النبي- صلى الله عليه وسلم- ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر ، فعجب المسلمون من ذلك ، فأنزل الله عز وجل :إنا أنزلناه في ليلة القدر *وما أدراك ما ليلة القدر* ليلة القدر خير من ألف شهر. في هذه الليلة، تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ، قال ابن كثير رحمه الله : " أي يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها ، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة ، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ، ويحيطون بحلق الذكر ، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق؛ تعظيما له ، وأما الروح فقيل المراد به ها هنا جبريل عليه السلام ، فيكون من باب عطف الخاص على العام " [تفسير ابن كثير] . إن تنزل الملائكة في الأرض عنوان على الخير والرحمة والبركة ليلة القدر، سلام هي حتى مطلع الفجر ،أي سالمة من الشرور ، فلا يكون فيها شيء من ذلك كما قال قتادة وغيره من السلف.