الشيخ محمد الطاهر روابح الذي عُدّ من بين أعلام الأوراس في الحقبة الاستعمارية، كان من رواد الحركة الإصلاحية التي مهّدَت للثورة التحريرية. وُلد في الثامن من شهر ديسمير 1888م بقرية أولاد شليح القريبة من مدينة باتنة. نشأ وسط بيئة دينية قوامها النشاط الفلاحي، غير أنّ والده فضّله على إخوته بالرعاية التعليمية، فمكّنه من حفظ القرآن الكريم بعد أن أرسله إلى قرية سيدي عقبة طلبًا للعلم، فمكث أربع سنوات في التعليم على يد شيوخ وعلماء أجلاء قبل أن يعود إلى مسقط رأسه، غير أنّه شدّ الرّحال من جديد إلى قرية سريانة هربًا من التجنيد الإجباري الذي فرضته الإدارة الاستعمارية فاستقر بها معلّمًا للقرآن والعلوم الشّرعية، ثمّ تابع مسيرته العلمية نحو مدينة قسنطينة التي كانت قبلة لكلّ طلاب العلم برعاية جمعية العلماء المسلمين. وما أن استكمل الشيخ تعليمه في المدرسة الكتانية، شدّ الرحال من جديد إلى جامع الزيتونة بتونس بتزكية من جمعية العلماء لاستكمال مشواره العلمي، فكان طالبًا مجتهدًا طوال عشر سنوات لينال شهادة ''التّطويع'' بتفوق مشهود وذلك في سنة 1934. ثمّ عاد إلى بلدته ''الشعبة'' ليكون أحد رواد الحركة الإصلاحية التي قادتها جمعية العلماء، فتولّى تعليم وتوجيه وتثقيف أبناء المنطقة بعد أن أسّس مسجدًا جديدًا ليعتلي منبره إمامًا ومعلمًا ومرشدًا، إلى أن انتقل لمدينة باتنة لمواصلة مهامه النبيلة انطلاقًا من المسجد العتيق بحي ''سطا''، إلى أن قرّر الرّحيل من جديد إلى قرية شتمة بمنطقة بسكرة كإمام معلّم للقرآن الكريم لفترة دامَت خمس سنوات، كانت كافية لتعليم جليل من أبناء الزيبان. ومرّة أخرى يعود إلى مدينة باتنة ليستأنف نشاطه التّعليمي والديني بكلّ عزيمة، سنوات قليلة قبل الثورة التحريرية، إذ شكّل رفقة مجموعة من علماء المنطقة قوّة دفع وتوجيه وتلقين أولئك المجاهدين من الرّعيل الأوّل الّذين تولّوا زمام المبادرة وحمل السلاح في وجه المستعمر، بعد أن تشبّعوا على أيدي علماء الأوراس بالقيم الإسلامية والروح الوطنية لمقاتلة العدو الفرنسي، إلى أن انتقل إلى الرّفيق الأعلى في الحادي عشر من شهر ديسمبر 1961م.