السيد عرقاب يستقبل وفدا عن شركة "إكسون موبيل" الأمريكية    المدير العام لبنك "شيلتر إفريقيا" يشيد بتجربة الجزائر في مجال السكن    مدير الأمن العمومي السعودي يزور مديرية الأمن العمومي بالجزائر العاصمة    جيجل: حملاوي تلتقي مع الجمعيات المشاركة في الجامعة الصيفية للمرصد الوطني للمجتمع المدني    التنقيب عن المياه الجوفية بالزبربر (البويرة): وفد من الخبراء يتفقد المشروع    احتفالية بالجزائر العاصمة بمناسبة إحياء اليوم الوطني للطفل الجزائري    المدير العام لديوان حقوق المؤلف يبحث مع المدير العام للويبو سبل تعزيز التعاون في مجال الملكية الفكرية بالجزائر    حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير "ثابت ولا يقبل المساومة"    جامعة الجزائر 3: 14 تخصصا جديدا ذا كفاءة أو شهادة مزدوجة    مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تطالب الكيان الصهيوني بإنهاء احتلاله للأراضي الفلسطينية    سباحة/مونديال: مشاركة مليح, صيود وسحنون في موعد سنغافورة    حوادث المرور: وفاة 40 شخصا وإصابة 1910 آخرين خلال أسبوع    العاب القوى/البطولة الافريقية لأقل من 18 و20 سنة: تنقل المجموعة الأولى للوفد الجزائري إلى أبيوكيتا    كأس أمم إفريقيا للسيدات 2024 (المؤجلة إلى 2025): المنتخب الجزائري يواجه نظيره الغاني في ربع النهائي    سيدي بلعباس: اختتام فعاليات الطبعة 15 للمهرجان الثقافي الدولي للرقص الشعبي    سطيف: افتتاح الطبعة الأولى للأيام الوطنية للوان مان شو    حساسية تجاه الصوت وشعور مستمر بالقلق    رمز الأناقة والهوية ونضال المرأة الجزائرية    وزير الاتصال يزور الإعلامي علي ذراع    استقبال رسمي يعكس متانة العلاقات الأخوية    تأكيد على أهمية وحيوية شبكة الطرق في تعزيز التنمية    الجزائر أختارت أن تكون صوتا للمظلومين لا صدى للظالمين    بلادنا تضم قراب نصف مصانع إنتاج الأدوية بإفريقيا    الجمارك تواصل جهودها    بوجمعة يردّ على انشغالات رؤساء المجموعات البرلمانية    عطاف يستقبل نظيره البلجيكي    كوبرنيكوس يُنصف الصحراء الغربية    ماذا قال أبو عبيدة عن الضيف؟    تسديد إلكتروني لفواتير الكهرباء    اتفاقية مع البنوك لمنح قروض للفلاحين    منصات رقمية لاستقطاب السواح    الجزائر تستضيف الألعاب المدرسية الإفريقية    ما حقيقة وشم محرز؟    لاناب حاضرة في سيتاف    تشلسي يكمل سجلّه الذهبي    المخزن يفتح أبواب المملكة للصهاينة للعيش والاستقرار    مخطّط استراتيجي وطني لدعم الصحة المدرسية قريبا    مولودية الجزائر : الجنوب إفريقي رولاني موكوينا مدربا جديدا    الجزائر الجديدة لن تُبنى إلا بشبابها    تدعيم الطريق السيّار بمحطات خدمات جديدة    المكونات الثقافية للجزائر عامل هام في الترويج السياحي    الجزائر لا تتلقى أي مساعدات للتنمية من باريس    ناصري يشيد بدور المجلس الإسلامي الأعلى في حماية المرجعية الوطنية    المغرب يمضي في مشاريع توسّعية غير قانونية على أرض محتلّة    إصلاح شامل للاستعجالات الطبية قريبا    ماستر مزدوج بين جامعة هواري بومدين وجامعة نواكشوط    المشيخة العامة للصلح في إفريقيا : إشادة بمواقف الثابتة للجزائر في نصرة القضايا العادلة    شرطان لا يصح الإيمان إلا بهما    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للسكان    شايبي يلتحق بتدريبات إنتراخت فرانكفورت    وضع حجر أساس مشروع إنجاز وحدة لإنتاج المادة الأولية لصناعة الأدوية المضادة للسرطان بسطيف    العرض الأولي لفيلم "دنيا" بالجزائر العاصمة    فضائل ذهبية للحياء    تلمسان ستصبح قطباً صحّياً جهوياً بامتيازّ    نجاح موسم الحجّ بفضل الأداء الجماعي المتميّز    من اندر الاسماء العربية    هذا نصاب الزكاة بالجزائر    جامع الجزائر : ندوة علميّة تاريخيّة حول دروس عاشوراء وذكرى الاستقلال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يغفر لكلّ الصّائمين؟
نشر في الخبر يوم 15 - 08 - 2012

قال الحسن البصري رحمه الله: ''المؤمن مَن جَمَعَ إِحْسَانًا وَخَشْيَةً، والمنافق مَن جَمَعَ إِسَاءَةً وَأَمْنًا''. هذه القاعدة يشهد لها حديث عائشة رضي الله عنها لمّا سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ} فقالت: يا رسول الله، أهُم الّذين يُذنبون وهم مشفقون؟ فقال: ''لا، بل هُم الّذين يصلُّون وهُم مشفقون، ويصومون وهم مشفقون، ويتصدّقون وهم مشفقون أن لا يُتقبَّل منهم'' رواه أحمد وغيره.
هكذا يجب أن يكون المؤمن: طاعة لله وخشية من عدم قبولها؛ لعارض عرض لها فأفسدها، أو شائبة من رياء شابتها، أو عجب نتج عنها أو غرور تولّد منها، أو ما الله أعلم به!
وفي ختام شهر البركات والرّحمات والمغفرة والمسرّة، حريٌّ بالمؤمن أن ينتبه لهذا المعنى، إذ أنّ بعض الصّائمين يحسب أنه بمجرد أن يصوم، كيفما كان صومه، فقد استحقّ الثّواب واستوجب الأجر، وليس الأمر كذلك حتّى يعلم ما هنالك! وهكذا كان السّلف الصّالحون، كانوا يهتمون لقبول أعمالهم أكثر من اهتمامهم بالعمل نفسه، لعلمهم أنّ العمل، أيَّ عمل، لا قيمة له ولا وزن إلاّ إذا قبل. ومن ذلك أنّ أَبَا الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه كان يقول: لِأَنْ أَسْتَيْقِنَ أَنَّ اللهَ قَدْ تَقَبَّلَ مِنِّي صَلاَةً وَاحِدَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إِنَّ اللهَ يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}، ودخل سَائلٌ إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال لابنه: أعطه دِينَارًا؛ فأعطاه، فَلَمَّا انْصَرف قال ابنه: تقبَّل الله مِنْك يا أبتاه، فقال ابن عمر: لَو علمت أَنّ الله تقبّل منّي سَجْدَة وَاحِدَة أَو صَدَقَة دِرْهَم لم يكن غَائِب أحبّ إِلَيّ من الْمَوْت، تَدْرِي مِمَّن يتَقَبَّل الله {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ}.
وكان مُطَرّف بن عبد الله بن الشّخّير رضي الله عنه يقول: اللَّهُمَّ تقبَّل منّي صِيَام يَوْم، اللَّهُمَّ اكْتُبْ لي حَسَنَة، ثمَّ يقول {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ}، فهذه الآية الكريمة واضحة صريحة في أَنَّ حُصُولَ التَّقْوَى شَرْطٌ فِي قَبُولِ الأَعْمَالِ. ومثلها قوله تعالى: {لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ} الْحَجِّ: 37، فَأَخْبَرَ أَنَّ الَّذِي يَصِلُ إِلَى حَضْرَةِ الله ليس إِلاَّ التّقوى. يقول الإمام الفخر الرازي رحمه الله: ''وحقيقة التّقوى أمور: أحدها: أَن يكون على خوف ووَجَلٍ من تقصير نفسه في تلك الطّاعة فيَتَّقِي بأقْصَى ما يَقْدِر عليه عن جهات التّقصير، وثانيها: أن يكون في غاية الاتِّقاء من أن يأتي بتلك الطّاعة لغرض سوى طلب مرضاة الله تعالى. وثالثها: أن يَتَّقِي أن يكون لغير الله فيه شَرِكَةٌ، وما أصعب رعاية هذه الشّرائط!''، نعم وما أصعب رعاية هذه الشّرائط!
وإنّي أحسب أنّ من أسباب تهاون بعض النّاس في إتيان الطّاعات بعد رمضان هو غفلتهم عن هذا المعنى وخطورته، فيحسب بأنّه مادام قد صام وقد قام فقد غفر له ما تقدّم من ذنبه؛ فهو يبدأ سنة جديدة بصحيفة بيضاء، فلا بأس أن يتهاون ولا ضير من بعض التّساهل، بل لا ضير حتّى من بعض المعاصي! فسيأتي رمضان ويأتي معه الغفران، زعموا!! وهنا لا بدّ أن ننتبه لأمرين، الأول: أنّ صيام رمضان إنّما يكفّر الذُّنوب الصّغائر فقط؛ للحديث: ''الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ'' رواه مسلم. فعقوق الوالدين والكذب والغيبة والسبّ والرّبا والرشوة وغيرها من الكبائر والموبقات لا يكفّرها صوم رمضان، ولا تغفر إلاّ بتوبة صادقة نصوح تحقّقت فيها شروط التوبة المعروفة. والأمر الثاني: أنّ الصغائر أيضًا لا تكفّر لكلّ الصّائمين، وإنّما تكفّر فقط لمَن صام الصّيام الّذي يُحبّه الله عزّ وجلّ ويريده من عباده، ففي الحديث: ''مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، ومَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ'' رواه البخاري. فهذا الحديث دليل بيّن أنّ الأعمال الصّالحة لا تزكو، ولا تُتَقبل، ولا يَقَعُ بِهَا غُفْرَانُ الذُّنُوبِ وَتَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ إلاّ مع الاحتساب وصدق النّيات، ومعنى قوله: إيمانًا واحتسابًا يعنى: مصدقًا بفرض صيامه ومصدقًا بالثّواب على قيامه وصيامه ومحتسبًا مريدًا بذلك وجه الله، بريئًا من الرِّياء والسُّمعة، راجيًا عليه ثوابه؛ فالّذي يصومه على هذه الصفة يرجو الظّفر بفضله وأجره، ومَن تقاصر صومه عنها فقد تباعد عنه الفضل والأجر بقدر ذلك.
*إمام مسجد الرّحمن عين النعجة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.