تواجه السلطات العمومية معضلة حقيقية مع تفاقم العجز في الموازنة وارتفاع المديونية العمومية الداخلية، نتيجة الزيادة المحسوسة للنفقات والأجور ومضاعفة العجز في الميزانية، الذي فاق 25 بالمائة من الناتج المحلي الخام، أي ربع ما ينتج من ثروة في البلاد. ولتدارك الأمر، تعمد الدولة، من خلال بنك الجزائر، إلى إصدار كتلة نقدية أو عملة، ساهمت على المدى المتوسط في إضعاف قيمة الدينار. رغم قيام بنك الجزائر بصورة دورية باسترجاع كتلة نقدية تقدر ب1000 إلى 1200 مليار دينار سنويا من السوق خاصة لدى البنوك، إلا أن مستوى التضخم عرف ارتفاعا، بينما عرفت قيمة الدينار تآكلا، وهو من مظاهر فقدان قدرة العملة المحلية الشرائية وخاصة بالمقارنة مع العملات الأجنبية. تضاف إلى ذلك الزيادة المعتبرة للعجز في ميزانية الدولة ولجوء هذه الأخيرة للاستدانة محليا بعد قرار توقيف اللجوء إلى الديون الخارجية. وفي الوقت الذي تراجعت المديونية الخارجية إلى حدود 4 ملايير دولار، تضاعفت الديون الداخلية العمومية إلى أكثر من 12 مليار دولار، كما سجل عجز الموازنة زيادة معتبرة مع ارتفاع محسوس لميزانية التسيير وتضخم في كتلة الأجور. ووفقا للقوانين المعمول بها، فإن بنك الجزائر هو بنك الإصدار الوحيد للنقود القانونية، ويقوم بذلك عند شراء العملات الأجنبية مع عمليات التصدير التي يقوم بها المتعاملون أو الحصول على مقابل العملات الأجنبية بالعملة الوطنية في عمليات الاستيراد أو لدى الإقراض من الخارج، ما يعني الحصول على عملات أجنبية من المؤسسات المالية الدولية أو منظمات دولية أو دول أجنبية، وهذه القروض تستخدم داخليا بالعملة المحلية. ولوحظت، خلال العشرية الماضية بالخصوص، زيادة حادة في النفقات مع لجوء الدولة للنفقات العمومية وزيادات في المداخيل، ما دفع بصورة غير مباشرة السلطات العمومية إلى خيار إصدار النقود لضمان توازن بين العرض والطلب. لكن، في المقابل، كان لخيار شراء السلم الاجتماعي بأي وسيلة، ثمن تمثل في تآكل القدرة الشرائية للدينار الجزائري، ما تسبب في اختلال في القدرة الشرائية للمواطن وتسجيل نسب تضخم تجلت في إضعاف قدرة الطبقة المتوسطة بالخصوص وإفقار الطبقة الفقيرة أكثر، خاصة في ظل عدم التوازن واللاعدل في توزيع الدخل والثروة. ولكن أيضا سيادة السوق الموازية التي تمثل ما بين 30 إلى 40 بالمائة من التعاملات التجارية. كما أن ربع العملة تقريبا، يبقى خارج نطاق سيطرة السلطات وخارج نطاق الرقابة الجبائية والمصرفية.