قانون التنظيم الإقليمي خطوة لترسيخ دولة القانون وتقريب السياسات العمومية من المواطن    الفريق أول شنڨريحة يقدم واجب العزاء بسفارة ليبيا إثر وفاة رئيس أركان الجيش الليبي    إطلاق خدمة الاقتطاع الآلي لاشتراكات الضمان الاجتماعي خطوة نوعية نحو عصرنة الإدارة    وزير العمل يشدد على تعزيز الرقمنة وجودة خدمات طب العمل وتوسيع نشاط "برستيماد" عبر الوطن    إذاعة البليدة تمدد بثها إلى 24 ساعة لتعزيز الآنية ومرافقة الحركية المحلية    رئيس الجمهورية يوشح العلامة المجاهد محمد صالح الصديق بوسام "عهيد" تقديراً لمسيرته العلمية والدعوية    اختتام الطبعة ال21 للمهرجان الوطني لمسرح الطفل بقسنطينة بتتويج العروض الفائزة    توقع تساقط الثلوج على عدة ولايات بوسط وشرق الجزائر ابتداءً من الخميس    المصادقة على مشروع قانون التنظيم الإقليمي    الشروع في إنجاز آلاف السكنات بعدة ولايات غرب الوطن    عجائز في أرذل العمر يحترفن السّرقة عبر المحلاّت    إطلاق خدمة دفع حقوق الطابع عبر البطاقة البنكية والذهبية    أسئلة النصر والهزيمة    إصدار أول مداولة تحدد شروط التعيين    تونس : المؤبد على 11 متهماً باغتيال مهندس "كتائب القسام" محمد الزواري    الصومال : تمديد بعثة الاتحاد الأفريقي حتى 2026    ليبيا : وفد عسكري يفحص حطام طائرة الحداد في أنقرة    عشرات المصابين بالرصاص الحي والاختناق    نص قانون المرور يعكس الالتزام بتوفير متطلبات ومستلزمات الأمن    حجز أزيد من 500 ألف قرص من المؤثرات العقلية    نهدف إلى إنشاء ومرافقة 10 آلاف مؤسسة مصغرة سنويًا    نسعى بالدرجة الأولى إلى تعزيز مواكبة ديناميكية التطور التكنولوجي    نثمن "عاليا "التنسيق المتواصل والمكثف بين البلدين الشقيقين    "ضرورة ترسيخ الفعل الثقافي الحي داخل المؤسسة المسرحية"    افتتاح الطبعة ال17 للمهرجان الوطني للأهليل    مركز بحث في الرياضيات التطبيقية لدعم اتخاذ القرار الحكومي    العدالة القوية حامية المجتمع من كل التهديدات    الخط السككي المنجمي الغربي خطوة عملاقة في التنمية الاقتصادية    آلاف المنتجات المستوردة أصبحت تنتج محليا منذ 2020    عندما يستخدم البرد سلاحا للتعذيب    نزوح 2615 شخص من ولايتي جنوب وشمال كردفان    خرق فاضح لأحكام محكمة العدل الأوروبية    رهان على الفلاحة والصناعة للدفع بالتنمية    قانون الجنسية كفيل بإحباط المخططات العدائية ضد الجزائر    الذكاء الاصطناعي صالح لخدمة الإسلام والمرجعية الجامعة    زكري يتحدث عن إمكانية تدريبه منتخبَ السعودية    "العولة".. إرث وهوية تأبيان الزوال    بيتكوفيتش يحدد أهدافه مع "الخضر" في "كان 2025"    عرض خليجي مغرٍ للجزائري عبد الرحيم دغموم    بوعمامة في جامع الجزائر    معنى اسم الله "الفتاح"    .. قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا    مستعدون لتقديم كل ما لدينا من أجل الفوز    الخضر يستهدفون دخول كأس إفريقيا بقوة    البنك الوطني يطلق تشكيلة خدمات ومنتجات    محرز الأعلى أجراً    تمديد آجال الترشح لجائزة الرئيس    غلق العديد من الطرقات بوسط البلاد    الرابطة الأولى موبيليس : الكشف عن برنامج الجولة ال14    تغلب ضيفه مستقبل الرويسات بثنائية نظيفة..اتحاد العاصمة يرتقي إلى الوصافة    التقوى وحسن الخلق بينهما رباط وثيق    الجزائر ماضية في ترسيخ المرجعية الدينية الوطنية    اتفاقيات لتصنيع أدوية لفائدة شركات إفريقية قريبا    التكفل بمخلفات المستحقات المالية للصيادلة الخواص المتعاقدين    الجزائر مستعدة لتصدير منتجاتها الصيدلانية لكازاخستان    صحيح البخاري بمساجد الجزائر    صناعة صيدلانية: تسهيلات جديدة للمتعاملين    انطلاق المرحلة الثانية للأيام الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام الشعبي.. العدو الجديد لأمريكا
كارلوس فوينتيس.. :
نشر في الخبر يوم 27 - 09 - 2012

كلما اشتد الصراع بين المسلمين والغرب، مثلما يحدث هذه الأيام، إلا وتذكرت رواية ''صحراء التتار''، للكاتب الإيطالي الشهير دينو بوتزاتي. وبالمناسبة، تعد هذه الرواية إحدى روائع الأدب الأوروبي الحديث، التي اهتم بها النقاد والباحثون الاستراتيجيون، على حد سواء. وشكلت ''صحراء التتار'' مرجعية روائية أساسية بالنسبة لطلبة العلوم السياسية في التسعينيات، لإدراك جوهر التحولات السياسية التي كانت تجري على الساحة الدولية، عقب سقوط جدار برلين ونهاية الحرب الباردة.
تقدم هذه الرواية، التي كتبها بوتزاتي في أربعينات القرن العشرين، صورة عن عدم قدرة وجود الغرب من دون فكرة ''العدو'' الذي يأتي من بعيد، فيستعمل لتقوية الصفوف، وتحقيق التوازن والتلاحم. وقد شغلتني هذه الرواية شخصيا بعد سقوط جدار برلين، واختفاء العدو الشيوعي، وسعي الغرب لإيجاد عدو جديد، تمثل في العدو الأخضر، أو ما كان يصطلح عليه آنذاك بالإسلام السياسي.
يقضي بطل الرواية، الملازم ''جيوفاني دروغو'' وقته، وهو قابع في حصن ''باستياني''، الواقع في مكان قصي، على تخوم صحراء شاسعة، وهو ينتظر قدوم برابرة مجهولين، يسمون التتار، يزحفون من عمق الصحراء، ويقتحمون موطنه للقضاء عليه، فندرك أن دروغو محكوم عليه بانتظار عدو مرغوب، فينتقل إلى جهة الوهم، لأن العدو في الحقيقة عبارة عن عدو متخيل، لا يأتي. لا يجد دروغو أمامه سوى الصمت والسراب، وقد صنع لنفسه أسطورة العدو الضروري لوجوده.
وقد لجا الروائي الجنوب إفريقي ''ج.م.كوتزي'' إلى توظيف نفس الفكرة ليكتب رواية ''في انتظار البرابرة''، مشيرا إلى هجمات البرابرة وتهديدهم لروح الإمبراطورية. ويذهب كوتزي بعيدا لما يجعل روايته تقول إن الإمبراطورية تحتاج إلى ''الهياج والحرب لتبرز قوتها''. فالغرب مهووس بفكرة العدو، وبإظهار قوته العسكرية. وليس بإمكانه العيش دون خطر خارجي، ولذلك صرح ألكسندر أرباتوف، المستشار الديبلوماسي للرئيس السوفياتي الأسبق ميخائيل غورباشوف، مخاطبا الأمريكيين: ''سوف نقدم لكم أسوأ الخدمات. سنحرمكم من العدو''. وبالفعل وجد الغرب نفسه بعد سقوط جدار برلين يعيش دون عدو، حتى أن الروائي الإنجليزي جون لوكاري، الذي صنع مجده الأدبي متكأ على ظاهرة الحرب الباردة، كتب رواية مختلفة بعد سقوط جدار برلين، بعنوان ''المسافر السري''، عاد فيها إلى جاسوسه المفضل ''جورج سمايلي''، لكن ليس بغرض إرساله في مهمة جاسوسية في الاتحاد السوفياتي، لأن زمن الجوسسة انتهى، والعدو اختفى، بل لكي يستعيد ذكرياته فقط، ويدفع به إلى التقاعد في آخر الرواية.
مسألة العدو فكرة ملحة في المخيال الغربي، الذي تكون خلال الحقبة الإغريقية الرومانية، فهو مخيال يستند إلى وجود عدو خارجي تمثل في ''البرابرة''. وفي القرن العشرين تجسد هذا العدو في اليهود، واتخذ صبغة عنصرية، ثم تلون باللون السياسي والإيديولوجي بعد الحرب العالمية الثانية، حيث حل السوفياتي محل اليهودي، وبعد الحرب الباردة جاء دور العربي - المسلم. ومع هذه المرحلة الجديدة من التفكير، لم نشاهد أي تفرقة بين الإسلام والتطرف. وبرز الإسلام كعدو جديد يهدد مبادئ الغرب (اللائكية والديمقراطية وحقوق الإنسان)، وأصبح ينظر إلى الإسلام كخليفة للشمولية الشيوعية التي يتقاسم معها، حسب المنظرين الغربيين، نفس العداء للديمقراطية. وورثت أمريكا فكرة توحيد الغرب وحمايته من الدوغمائية الدينية (الإسلام)، فانتشرت مجددا فكرة أمريكا المضطلعة بالمهمة ''الربانية الأبدية''.
وفي الوقت الذي أصبح ينظر إلى الصين كوريثة الإيديولوجية الشمولية، ''كمنافس كوني''، تم إلصاق تهمة ''الشر المطلق'' بالإسلام، بعد ''الشيطان الشيوعي الأكبر'' الذي جسده الاتحاد السوفياتي.
لكن مع ثورات ''الربيع العربي''، وصعود الإسلاميين إلى الحكم، اعتقدنا أن نظرة أمريكا للإسلام ''كشيطان أكبر'' انتهت. تحدثت هيلاري كلينتون عن تعايش الإسلام مع الديمقراطية، واعتقد المتتبعون أن ''شهر العسل بين أمريكا والإسلام'' بدأ فعلا، وهو مرشح لأن يطول، فسارت الأحداث عكس هذا التصور تماما، إذ خرج المسلمون في تظاهرات نددت بأمريكا واستهدفت مصالحها، فوجدنا أنفسنا أمام الثنائية التالية: إسلام شعبي، تصفه وسائل الإعلام الغربية بأنه ''غوغائي'' يكره أمريكا ويعتدي على سفاراتها، وإسلام ''رسمي''، معتدل وعقلاني صديق لأمريكا، ويحمي السفارات التي يريد ''الإسلام الشعبي'' حرقها. وبين الإسلامين (الشعبي والرسمي) عادت فكرة العدو إلى الواجهة، وتأكد أن الانتخابات الرئاسية القادمة في الولايات المتحدة لا يمكن أن تسير دون فكرة العدو، وهو الإسلام الشعبي. وبعد أن وضع باراك أوباما ''المارينز'' في فترة نقاهة، عاد الحديث عنها وهي تستعد لافتراس العدو، فلا ينجح في الرئاسيات الأمريكية، إلا من قدم للمارينز دمية يلهو بها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.