تزوير ختم رئيس البلدية لتسليم قرارات استفادة ''وهمية'' سيارات فاخرة وسهرات في الملاهي لتحرير شهادات الإقامة بلغت قيمة الرشاوى التي قبضها موظفون في بلدية الجزائر الوسطى مقابل إدراج عدد من ملفات أشخاص في قائمة السكن التساهمي حدود ملياري سنتيم، حيث تبين من خلال التحقيقات الأولية بأنه تم التلاعب بالقوائم بناء على تزوير شهادات الميلاد وتقليد الختم الدائري لرئيس البلدية لتحرير قرارات الاستفادة ''الوهمية'' وإعطاء العملية طابعا قانونيا، ووسع قاضي تحقيق محكمة سيدي امحمد بالعاصمة التحريات إلى عدد من المنتخبين. الفضيحة التي هزت مقر البلدية والجزائر العاصمة ككل، كانت بدايتها منذ حوالي ثلاثة أشهر، عندما تلقت مصالح المقاطعة الوسطى للشرطة القضائية بأمن ولاية الجزائر، معلومات مفادها أن هناك عددا من الموظفين وأعوان الأمن ببلدية الجزائر الوسطى ''يعرضون'' خدماتهم على كل من يرغب في إدراج اسمه في قائمة السكن التساهمي أو قوائم السكن المدعم. وبناء على ذلك، تم الشروع في التحقيق، حيث ثبت أن من يقوم بالتخطيط للعملية هو عون أمن يقدم نفسه على أنه من ديوان رئيس البلدية الطيب زيتوني، وهو من كان ينسق كل المعاملات بين ''زبائن'' السكنات والإداريين لتمكينهم من كل الوثائق الإدارية اللازمة لإدراجهم في أهم قائمة لمشروع سكني بحصة 1200 سكن تساهمي التي اختيرت لها أرضية في السحاولة، في حين أخبر ضحايا الاحتيال من دافعي الرشوة بأنها ستكون قبالة البحر وتحديدا في عين البنيان. وأفادت مصادر قضائية مطلعة على الملف ل''الخبر''، بأنه خلال الشهر الأول من التحقيق تم التوصل إلى أهم الخروقات القانونية التي كانت ترتكب، بالعودة أساسا إلى الملفات المشبوهة، حيث بلغ عددها حوالي 15 ملفا، أغلبها تم تزوير وثائقه ليستوفي أهم شرط في الاستفادة من السكن التساهمي وهو شهادة الإقامة، ويقوم عون الأمن الذي له علاقة مع كل المصالح في البلدية خاصة الحالة المدنية، بالتواطؤ مع عصابته بمهمة إعداد الملف كاملا لكل من يدفع رشوة تتراوح ما بين 100 و200 مليون سنتيم أو سيارة. وكانت أهم اللقاءات وتسوية الصفقات تتم في الملاهي خارج العاصمة، وفي ولايات بغرب الوطن، حيث إن أغلب من تحصلوا على قرارات الاستفادة المزورة هن عازبات من عدة ولايات غربية، بدعم من عدد من رجال المال الذين استغلوا أسمائهن للاستحواذ على عدة شقق لبيعها فيما بعد. بعدها استدعت مصالح أمن الجزائر العاصمة، أفراد العصابة، الذين بلغ عددهم ثمانية موظفين يعملون ببلدية الجزائر الوسطى، وتم استجوابهم في القضية، ووجهت لهم تهم النصب والاحتيال وتلقي رشاوى وسوء استغلال الوظيفة والتزوير واستعمال المزور في محررات إدارية. وفي الوقت الذي أنكر فيه المتهم الرئيسي وهو عون الأمن التهم المنسوبة إليه، اعترف عونا أمن آخران بما نسب إليهما، كما فعل ذلك عونان إداريان أحدهما يشتغل على مستوى مصلحة الحالة المدنية، والثاني على مستوى مصلحة الشؤون الاجتماعية، فضلا عن ثلاثة مستخدمين آخرين ضمنهم نائب رئيس البلدية. وتم التوصل إلى أن هؤلاء استغلوا مناصبهم للنصب على المواطنين من خلال الحصول على رشاوى فاقت قيمتها على عدة مراحل ملياري سنتيم، من أجل إدراج أسمائهم في قوائم المستفيدين من السكن التساهمي التي تصل قيمة الأموال التي يسددها ''المستفيد'' حوالي 300 مليون سنتيم. وكان يتم التأكيد في كل مرة على أن إعداد القوائم الاسمية للمستفيدين في البرنامج الذي لم ينطلق بعد، أمر مستعجل بالنظر لعدد الطلبات التي فاقت ضعف عدد السكنات المبرمجة، كما أن الاستفادة من شقة من ثلاث غرف يكلف رشوة ب100 مليون سنتيم، والحصول على شقة من أربع غرف في عين البنيان يكلف 200 مليون سنتيم. ومع مرور الوقت، تلقى نائب رئيس البلدية المتهم في القضية تهديدات بالقتل من طرف من سددوا الرشاوى، بعد تأخر انطلاق المشروع وتسليم السكنات، وتبين بأنه تم تزوير الختم الدائري لرئيس البلدية من أجل إمضاء قرارات الاستفادة، وتزوير شهادات الإقامة السليمة في أغلبها بالأختام القانونية لكن أغلب الأسماء لا تقطن في محيط بلدية الجزائر الوسطى، بل إنها من خارج الجزائر العاصمة، وتم إدراج ملف الفضيحة بهذه الوثائق المزورة كأدلة. وبعد تقديم الموظفين الثمانية المتهمين في القضية، وسع قاضي تحقيق محكمة سيدي امحمد من دائرة التحريات إلى عدد من المنتخبين للاستماع إليهم كشهود، ناهيك عن شركاء ''الضحايا'' الذين سددوا لهم الرشاوى والذين يوجد من بينهم رجل أعمال بغرب الوطن. واستطاعت العصابة أن تستفيد من صفقاتها، ووصل الأمر إلى غاية تسليم أحدهم سيارة مقابل إدراج اسمه، وكان عدد من موظفي البلدية استغربوا الثراء الذي ظهر على أعوان الأمن وامتلاكهم لسيارات فاخرة، وقام عون الأمن الذي أصبح برتبة ''بروتوكول'' أو مستشار، باستبدال سيارة ''ماروتي'' بسيارة رباعية الدفع، كما كان يقتني تذاكر السفر إلى إسبانيا كلما برمجت مقابلة لفريقه المفضل نادي برشلونة ''البارصا''، حيث يقضي أربعة أيام هناك في رحلة سياحة واستجمام ثم يعود، في غياب أي رقابة عليه من طرف البلدية. وقد تقرر أيضا توسيع التحقيق على مستوى ولاية الجزائر إلى طلبات السكن الترقوي المدعم على مستوى بلدية الجزائر الوسطى، بعد أن تبين بأن هناك تلاعبا في هذه القوائم أيضا. رئيس بلدية الجزائر الوسطى يتهم قيادات في الأرندي كشف رئيس بلدية الجزائر الوسطى، الطيب زيتوني، في لقاء مع الصحافة أمس، وبحضور نوابه في الهيئة التنفيذية عن قيام أعوان أمن بلديته بالنصب والاحتيال على مجموعة من المواطنين، بعد تقديم وعود لهم بالحصول على شقق في مشروع السكن التساهمي ببلدية السحاولة مقابل دفع رشاوى لهم. وفور علمه بالقضية أبلغ رئيس البلدية مصالح الأمن بالقضية التي أودعت المتهمين رهن الحبس المؤقت إلى جانب الأشخاص الذين سلموا لهم مبالغ مالية نظير الحصول على سكنات تساهمية بعد التحقيق معهم، وأضاف بأنه لا توجد قائمة للسكن التساهمي ما دام اللجنة المكلفة بدراسات ملفات المستفيدين لم تجتمع بعد. وشدد الطيب زيتوني على أن البلدية هي من فجر هذه القضية، متهما قيادات في الأرندي بمحاولة تضخيم القضية إعلاميا، ومؤكدا للصحفيين بأنه ليس منشقا عن التجمع الوطني الديمقراطي، بل شكل حركة إنقاذ الأرندي بغرض تصحيح مسار هذا الحزب. الجزائر: كريم كالي