فرنسا تركت وطنا يحلو لبعض المغرضين تمجيد إنجازاته وإيجابياته قال الدكتور حسن تليلاني، أن كاتب ياسين ظُلم كثيرا، مرة من قبل أنصار التيار البربري بجعله مناضلا في صفوفه، وهو الذي لم يدع يوما إلى''بربرة'' الجزائر، مع اعترافه بالبعد الأمازيغي في الهوية الجزائرية، وأخرى على يد ''الفرنكفونيين'' الاندماجيين، بقولهم أنه حليفهم. اعتبر حسن تليلاني، كاتب ياسين، أقوى أديب فضح الاستعمار في رمزية شفافة، دون الحديث عن القتل الحقيقي للجزائريين كما حصل مع باقي الأدباء، ومع ذلك خلفت فرنسا وطنا يحلو للبعض تمجيد إنجازاته، وهو الذي كان يستحق أن يتوج بجائزة نوبل. وقال تليلاني في تصريح ل''الخبر''، أن الأسلوب الذي اعتمده كاتب ياسين للدفاع عن هويته، عبر مجموعة متنوعة من كتاباته الشعرية، الروائية والمسرحية، يحمل الحجج الكافية لدرأ التهم والولاءات التي نسبت إليه، يقول ''بل بالعكس أتصور أنه لا يوجد كاتب جزائري فضح فرنسا الاستعمارية مثل كاتب ياسين، الذي عبر بقوة عن ''القتل الرمزي'' الذي مارسه الاستعمار في حق الجزائريين، وهو أشد وأنكى من ''القتل الحقيقي'' المادي، وأبعد من ذلك تحدث عن القتل المعنوي ''للهوية'' الجزائرية، وكان يسخر من التيار الاندماجي، رغم اعترافه أن الفرنسية غنيمة حرب''. وأضاف المتحدث أن قضية التصدي لتشويه الاستعمار الفرنسي للهوية الجزائرية، كانت هاجسا مركزيا في أغلب كتاباته منها ''نجمة''، ''الجثة المطوقة''، ''الأجداد يزدادون ضراوة''. مواصلا ''ففي تعابيره يصدح صوت المآسي الخرساء ليصور في جمال إبداعي ساحر آلام الجزائر، وهي تعاني الاجتثاث والاستئصال والتشويه والمسخ والاستلاب''. وقدم حسن تليلاني دليلا حيا من خلال رواية ''نجمة''، حيث التأكيد على ''الرمزية'' التي جسدها كاتب ياسين في حديثه عن ''الجزائر''، التي تماهت في صورة ''الأنثى''، وقال ''أنه لم يصورها على نحو من المثالية واكتمال في الملامح والأبعاد، بل يلخص من خلالها وبشكل واقعي جارح ما حصل للجزائر''، هذه ''النجمة'' التي أرادوا أن تكون رغم جمالها ''مشوهة وممسوخة'' في أصولها التي تتنازع فيها الفرنسية والجزائرية، من خلال الخطيئة التي ارتكبت بمسرح موطن أجداد الكاتب قبيلة ''بني كبلوت''، وهي تحيل إلى ''الجزائر'' الوطن الضائع، والماثل أبدا في أعالي جبل الأجداد. ودافع الباحث تليلاني مرارا عن كاتب ياسين، وما تعرض له من إجحاف على يد دعاة التيار الشيوعي، ووصفه ب ''السابقة الخطيرة'' في عالم الأدب والمسرح، وقال ''قوّلوه ما لم يقل بتحوير مسرحيته الشهيرة ''محمد خذ حقيبتك ''، التي كتبها لتشخيص معاناة المهاجرين الجزائريين في فرنسا، واعتبروه تجني على الرسول الكريم ما أثار حفيظة البعض ضده، بدل أن يغضبوا على الفرقة، حتى أنهم ورّطوا الشيخ محمد الغزالي في حملتهم، وأقل شيء كان يستحقه أن يتوج بجائزة نوبل للأدب''. ويرى الدكتور أن هذا يبين بأن الجزائر في حاجة حقيقية إلى ثورة ثقافية مستمرة، تنفض عنها غبار الاجتثاث الذي مسخ هويتها وشخصيتها، محاكاة للنداء الذي أطلقه كاتب ياسين في مسرحيته ''الجثة المطوقة''.