من بين الأسباب التي جعلت الرياضة الجزائرية تراوح مكانها ولا تتقدّم أبدا، عدم قيام أي مسؤول بالمهام المسندة إليه، أو جمعه بين عدّة مهام دون أن يوفّق في أية منها. هذا هو واقع الرياضة في الجزائر، فعلى مستوى الأندية المحترفة غابت المشاريع الرياضية وبات الشارع هو الذي يحدّد مصير ومستقبل الرئيس والمدرّب وحتى اللاّعب، واختزلت المهام الإدارية في تسيير النوادي في شخص واحد دون سواه، فهو الرئيس والنائب وأمين المالية، وهو أيضا الناطق الرسمي والمكلّف بالاستقدامات، وهو من يرسم الخطط التكتيكية ويحلّ محلّ المدرّب حين يجلس بجانبه في مقعد البدلاء. وإذا كان رئيس النادي في عهد الاحتراف مطالبا برسم الخطوط العريضة لسياسة فريقه، فإنه يعجز عن القيام بذلك، فتجده يفضّل أن يضمحلّ وينزل إلى درجة حارس العتاد أو الملعب، ليظهر في صورة ''الكلّ في الكل'' وفي ثوب الذي أنهكته المهام وجعلت منه متعدّد المواهب، حتى يقال عنه بأن الفريق من دونه آيل إلى الزوال. وربما كان للقاسم المشترك بين رؤساء النوادي الجزائرية في ذر الرماد في عيون عشّاق الكرة مفعولا إيجابيا على عقول الناس، فغفل البعض عن المعايير الحقيقية لقياس نجاح أو فشل هذا الرئيس أو ذاك، ما جعل ''عدوى'' القيام بكل شيء سوى المهام الرسمية، تنتقل إلى الاتحادية والوزارة وكبار المسؤولين، في خطوة لترسيخ شعبوية الحديث وارتجالية الأفعال. فقد كان الوزير السابق للشباب والرياضة غائبا عن مسرح الأحداث الرياضية الكبيرة في عهده، واختصر ظهوره في ''المناسبات الرسمية جدا'' حين تعلّق الأمر بمباريات ''كبيرة'' للمنتخب الوطني أو في توديع واستقبال الوفود الجزائرية المشاركة في المحافل الرياضية الدولية. الهاشمي جيّار اختار سياسته بمسك العصا من الوسط، ووقف موقف المتفرّج في مهازل الرشوة والعنف ومشاكل الاحتراف، واختار أن يكون خصما لرئيس اللّجنة الأولمبية الجزائرية، وسكت عن الفساد في مديريات الشباب والرياضة، وحاول أن يجعلها ''معزة ولو طارت'' بالقول بأن شبابنا البطّال سعيد ببطالته، وبحث الوزير السابق عن تلميع صورته ووصد أبواب المشاكل حتى يحين موعد رحيله. ولأن سياسة الهروب إلى الأمام لم تؤت أكلها مع جيّار، ولا مقولة ''الذي لا يخطئ هو الذي لا يعمل''، فإن خليفته في على رأس القطاع، عكس المقولة، وشرع في عمل كل شيء أو أي شيء حتى يكون مختلفا عن سابقه، لكسب صفة ''الوزير العملي''. هذا ما يحدث اليوم مع الدكتور محمّد تهمي الذي شرع في معالجة عدة قضايا شائكة بسرعة البرق، ونسي الوزير أو تناسى بأن حماسه للتغيير جعله يتهاوى إلى أدنى الدرجات، واقترب من السطو على مهام الغفير. معاينة العشب بملعب البليدة والطواف بمرافقه وتقديم توجيهات حول طريقة دخول وخروج المناصرين، تقليل من شأن الحقيبة الوزارية المثقلة بمشاكل الشباب والرياضة التي أسندت إلى الدكتور، لأن المطلوب من الوزير العمل وإتقانه في إطار صلاحياته، وليس أن يظهر بأنه يعمل.