كشفت مصادر مطلعة من قطاع المالية، أن التصريحات الأخيرة لمحافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي أمام نواب البرلمان أكدت أنه يتعامل كموظف إداري في البنك المركزي، حيث برر مسألة تفشي السوق الموازية للعملة الصعبة بترخيص البنك المركزي اعتماد 40 مكتب صرف، دون أن يوضح أن الأمر يتعلق بمكاتب لشراء العملة الصعبة فقط لا تخص سوى غير المقيمين بالجزائر، حسب ما ينص عليه قانون الصرف. حسب نفس المصادر، فإن محافظ بنك الجزائر، تهرّب من الجواب عن مسألة تفشي السوق الموازية للعملة الصعبة، ليتكلم عن اعتماد 40 مكتب صرف، تتواجد أغلبيتها بالفنادق ويتعاملون مع غير المقيمين بالجزائر من أجانب، إلى جانب فئة قليلة من المواطنين يمكن لها جلب عملة صعبة من خلال تنقلاتهم خارج الوطن، حيث يشترط بالنسبة لمكاتب الصرف هذه الحصول على التصريح الجمركي للعملة التي يتم صرفها إلى الدينار فقط. من جهة أخرى، قالت ذات المصادر إن تفشي السوق الموازية للصرف، مسألة لم يتم مناقشتها إلى غاية الآن من طرف الحكومة، حيث لا تزال الأخيرة تجهل الطاقة الاستيعابية لهذه السوق والقيمة الحقيقية للعملة المتداولة على مستواها. ويبقى البنك المركزي، حسب ذات المصادر، يتحدث عن الأطر القانونية المنصوص عليها متناسيا الممارسات الفعلية على مستوى الواقع، بالرغم من تأكد البنك المركزي أن التحكم في عمليات تبييض وتهريب الأموال ينطلق من التحكم في تسيير الأسواق الموازية للعملة. على صعيد آخر، أعلن الخبير الاقتصادي، محمد بهلول، أن التصريحات المتناقضة للمسؤولين الجزائريين من وزير للداخلية يؤكد عدم إيجاد الحكومة لبديل للسوق الموازية للعملة الصعبة، ومحافظ بنك الجزائر الذي يختصرها في مكاتب صرف مجهولة لدى سائر المواطنين، بوجود ''ضبابية'' وعدم وضوح في السياسة النقدية الوطنية. في نفس السياق، قال محمد بهلول إن تصريحات المسؤولين بخصوص السوق الموازية تعمق من نشاط هذه السوق، مشيرا إلى أنه لا يمكن الحديث عن سوق عملة فعال دون إعطاء امتيازات لأصحاب مكاتب الصرف ومعالجة السوق الموازي. وتجدر الإشارة إلى أن السلطات العمومية لم تفلح في إيجاد الصيغ العملية لاستقطاب السوق الموازية وترسيم إقامة مكاتب الصرف في الواقع، رغم اعتماد إجراءات تنظيمية وقانونية في أعقاب إقرار قانون الصرف والنقد رقم 1090 الصادر في 14 أفريل 1990 وتأطير عمليات الصرف على خلفية التنظيم رقم 07/95 الصادر عن بنك الجزائر بتاريخ 23 ديسمبر 1995 المعدل والمتمم للتنظيم رقم 04/92 الصادر في 22 مارس 1992 المتعلق بمراقبة الصرف، ولكن بالخصوص التعليمة رقم 97/13 الصادرة في 10 ديسمبر 1997 المعدلة والمتممة للتعليمة رقم 96/08 بتاريخ 18 ديسمبر 1996 المحددة لشروط إنشاء واعتماد مكاتب الصرف. فضلا عن التعليمتين رقم 08/93 و13/97 اللتين تحددان شروط تأسيس مكاتب صرف العملة الصعبة. إذ فشلت السلطات العمومية، رغم مرور 16 سنة على اعتماد أي مكتب صرف، بل أن البنوك العمومية لم تتمكن من إقامة مثل هذه المكاتب، بالنظر لمحتوى النص الذي لم يكن تحفيزيا للمتعاملين، لاسيما الهامش الذي تستفيد منه مكاتب الصرف، المقدر بنسبة 1 بالمائة، وعدم التعامل سوى مع غير المقيمين في مجال الصرف، نظرا لعدم قابلية تحويل الدينار واستحالة شراء العملة من قبل البنوك لدى بنك الجزائر.