تذكّرت جمعية مشعل الشهيد، أمس، المناضل ووزير العمل الأسبق محمد سعيد معزوزي، بعد أن انسحب من الساحة السياسية منذ أكتوبر 1988، عقب استقالته من حزب جبهة التحرير الوطني، بعد أن كان أحد رموز البومدينية. ويعرف عن معزوزي أنه أشهر المساجين السياسيين الجزائريين في العهد الاستعماري، حيث قضى سبع عشرة سنة سجنا، بين 1945 و.1962 وصف رضا مالك تكريم المناضل محمد سعيد معزوزي، أمس بيومية ''المجاهد'' بالجزائر العاصمة، بالمهم، واعتبر، في الكلمة التي ألقاها بالمناسبة، ''المناضل الذي يجمع بين الوطنية والعدالة الاجتماعية، التي تعتبر بمثابة جزء لا يتجزأ من شخصية معزوزي التي تكونت على هذا المنوال''. يعرف عن معزوزي، الذي شغل منصب وزير العمل في حكومة الرئيس هواري بومدين الثانية بين 1968 و1977، اقترابه من الجماهير، ومن المثقفين اليساريين الجزائريين، وهو ما أدى بالرئيس بومدين إلى تعيينه في منصب وزير المجاهدين، ثم كلفه بالتحضير لمؤتمر الحزب، وجعله ''قريبا من الفئات الشعبية، وليس من الأشخاص''، وجاء اختيار الرئيس بومدين لشخص معزوزي لما عرف عنه من ميله للاستقامة والنزاهة. وحضر حفل التكريم عدد كبير من الشخصيات السياسية والوطنية، على غرار الشيخ الطاهر آيت علجات. وبالمناسبة قال علي هارون إن معزوزي يعتبر ''عملة نادرة''، بينما صرح لمين خان، في تدخله، بأن الرجل الذي قضى سبعة عشر عاما في السجون الفرنسية، يعتبر مدرسة للنضال الوطني والسياسي ضد الاستعمار. ولدى تناوله الكلمة، قال معزوزي إنه لم يكن ينتظر يوما أن يتذكره أحد. وتركزت كلمته على ضرورة حمل الجيل الجديد على الاهتمام بالتاريخ، واستعادة ذكرى الشخصيات الوطنية التي ناضلت ضد الاستعمار. معربا عن أسفه من ظاهرة التفريط في الثورة التي انتشرت لدى الشباب. ومن جهته اعتبر محمد عباس المسار النضالي لمعزوزي بمثابة مسار مليء بالمواقف النضالية، وتحدث عن نضاله في حزب الشعب. وكانت السلطات الاستعمارية قد ألقت القبض على المناضل محمد سعيد معزوزي في سبتمبر 1945، عقب اغتيال الباشاغا آيت علي، ولفقت له تهمة المشاركة في الجريمة، والمساس بأمن الدولة الفرنسية، وحكم عليه بعشرين سنة سجنا. وإثر نقله إلى سجن الحراش تعرف على المناضل عبان رمضان، وعلى عدد من المناضلين الوطنيين، منهم عضو المنظمة الخاصة عمر بوداود. وفي عام 1958 صدر في حقه حكم ثاني يقضي بسجنه مدى الحياة، فظل في السجن إلى غاية الاستقلال سنة .1962 وبعد أن استدعاه الرئيس بومدين لشغل منصب وزير العمل سنة 1968، أصبح معزوزي من بين الشخصيات المهمة للبومدينية، ومن بين الوزراء المقربين من الروائي كاتب ياسين، والفنان التشكيلي محمد ايسياخم. وأدى قُرب معزوزي من الرئيس بومدين إلى إقصائه من اللجنة المركزية لحزب الأفالان سنة 1984، ليقرر الانسحاب نهائيا من الحياة السياسية عقب أحداث أكتوبر .1988 واعتبر من الشخصيات السياسية التي دعت إلى حل جبهة التحرير الوطني، ووضعه في مرتبة أهم مكاسب الشعب الجزائري.