وُجهت للكاتبين الفرنسيين، بيار بيون وفليب كوهين، سلسلة من الانتقادات، بعد صدور كتابهما أول أمس، عن منشورات ''روبير لافون''، بعنوان ''جان ماري لوبان.. تاريخ فرنسي''. وتمحورت الانتقادات حول سعي بيون وكوهين لتبرئة لوبان من تهمة ممارسة التعذيب ضد الفدائيين الجزائريين، خلال معركة الجزائر، التي شارك فيها ضمن فيلق المظليين بقيادة الجنرال ماسو. ورد في كتاب ''جان ماري لوبان.. تاريخ فرنسي''، لبيار بيون وفليب كوهين، أنه لا يوجد أي وثائق تاريخية، تدل على أن لوبان مارس فعلا التعذيب في حق الجزائريين، خلال مشاركته في ''حرب الجزائر'' برتبة ملازم أول. ويوجد مؤلفا الكتاب في موقع حرج، بعد أن ظهرا في صورة مدافعين عن الزعيم العنصري المتطرف. وعادت كثير من وسائل الإعلام الفرنسية، أول أمس، أثناء تناولها للكتاب، إلى الشهادات التي نشرتها صحفية ''ليبراسيون'' الفرنسية، يوم 12 فيفري 1985، وهي لمناضلين جزائريين عذبوا من قبل لوبان، ونشرت الاعترافات بعنوان ''عذبوا من طرف لوبان''. كما عادت إلى تصريحات لوبان نفسه، قال فيها: ''لا يوجد عندي ما أخفيه، مارست التعذيب، لأن ذلك كان عبارة عن ضرورة. لما يحضرون لنا شخصا وضع عشرين قنبلة ويرفض الاعتراف، كان علينا اللجوء لطرق استثنائية لحمله على الكلام''. لكن بيون وكوهين، كتبا أن لوبان استعمل تاريخ ''حرب الجزائر''، وتلاعب به من أجل تسويق صورته في أوساط الرأي العام المقرّب من أطروحات الجزائر الفرنسية. وذهب المؤلفان إلى حد التقليل من فظاعة شخصية لوبان، وتقديمها في صورة أقل بشاعة، لما صرح بيون أول أمس، لقناة ''أر تي آل''، أن زعيم حزب الجبهة الوطنية اكتفى فقط ''بتعنيف الجزائريين، ولم يكن طرفا في التعذيب الذي أخذ صبغة مؤسساتية''. ودافع بيون عن كتابه وأطروحته الجديدة التي تحاول تسويق صورة مغايرة للوبان، بالقول: ''لسنا سوى صحفيين قاما بتحقيق مجرد من أي نوايا سياسية''. وتأتي حملة بيار بيون وفليب كوهين لتبرئة لوبان من جرائم محتملة يكون قد ارتكبها خلال مشاركته في ''حرب الجزائر''، عقب بروز نية سياسية من قبل الاشتراكيين الفرنسيين للتعامل مع كثير من الليونة والموضوعية مع ماضي فرنسا الاستعماري. ويروّج الكتاب لصورة أقل دموية كانت حامت حول لوبان، بالأخص عقب نشر يومية ''لوموند'' المحسوبة على التيار الذي يتعامل مع ''حرب الجزائر'' بكثير من النقدية، تحقيقا قامت به الصحفية فلورانس بوجي حول ''خنجر لوبان'' الشهير، والذي عثرت عليه عند المرحوم محمد مولاي. وكان هذا الأخير قد صرّح لذات الصحيفة، أنه شهد الملازم الأول لوبان يعذب والده أحمد مولاي يوم 3 مارس 1957، بالبيت العائلي بالقصبة، وذكر أنه في غمرة عملية التعذيب ترك لوبان خنجره، فخبأه محمد الذي كان يبلغ من العمر آنذاك اثني عشر عاما وكتب على الخنجر الحروف الأولى من اسم لوبان.