وزارة العدل تلتزم ''كتابيا'' مع أصحاب الجبة السوداء لأول مرة منذ 10 سنوات قطع أرضية للمحامين لبناء مقرات وحصص للاستفادة من السكنات التساهمية جمّد المحامون حركتهم الاحتجاجية التي كان مقررا الشروع فيها، اليوم، لشل جميع المجالس القضائية والمحاكم، ومقاطعة افتتاح السنة القضائية، تنديدا بعدم سحب مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة بالأساس. ويأتي هذا التطور ''بعد تدخل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي أمر بفتح باب الحوار مع المحامين متبوعا بالاستجابة الفعلية لجميع مطالبهم''. تميّزت، أمس، أشغال الجمعية العامة ''الاستثنائية جدا'' المفتوحة للاتحاد الوطني للمحامين، بقصر الأمم بنادي الصنوبر في العاصمة، بمناوشات وملاسنات بين أصحاب ''الجبة السوداء'' منذ الدقيقة الأولى التي أعلن فيها النقيب الوطني مصطفى الأنور عن افتتاح أشغال الجلسة، بعد خوضه في التعقيب على ما جاء في ''الخبر'' التي نقلت تصريحات بعض النقباء بأنّهم ''نادمون على التصعيد ضد وزارة العدل''. فتحولت كلمة الأنور إلى ما يشبه ''عود الثقاب'' الذي ألهب القاعة، فنتج عنه ملاسنات بين محامين، انقسموا فيما بينهم بين رافض لما قاله النقيب الوطني، ومؤيد له. واتهم محامون عارضوا قرار تجميد الإضراب وعدم مقاطعة افتتاح السنة القضائية، النقباء أعضاء اللجنة القانونية التي جلست إلى طاولة المفاوضات مع وزير العدل، ''ببيع'' مطالبهم التي تلقوا ''مقابلا'' لها شريطة تهدئة القاعدة، حيث طلب في هذا الصدد المحامي عليان بوعلام من ولاية تيزي وزو، تلقي إجابة واضحة عن سؤاله ''كم دفعوا لكم؟''، منبّها أن إصرار النقيب الوطني وأعضاء اللجنة هو ''توجيه للجمعية العامة''. أكثر من ذلك، اتهم نقيب ولاية بومرداس الأستاذ شريفي، النقباء الذين تفاوضوا مع وزارة العدل ب''خرق القانون''، لأنّهم وقعوا بروتوكول التفاوض دون العودة إلى ''الجمعية العامة'' صاحبة الشرعية القانونية وأعلى هيئة في الاتحاد، وهنا تدخل نقيب محامي العاصمة، وقال إن ما تم التطرق إليه ليس رسميا أو ساري المفعول دون الاحتكام إلى تصويت الجمعية العامة. وفي ظل استمرار الملاسنات والمناوشات، تدخل رئيس الاتحاد الوطني مصطفى الأنور و''توسّل'' إلى الحاضرين التزام الهدوء والانضباط، لاسيما أمام أنظار الإعلاميين. وطمأن المتحدث، بإشارته إلى أنه لأول مرة منذ 10 سنوات، يتم الاجتماع بوزير عدل شخصيا والخروج من جلسة التفاوض ب''محضر كتابي''، تناول تعهدات وقعها وزير العدل شخصيا عن كافة المطالب. وتوسعت دائرة النقاش الذي زادت حدّته عن أشغال الجمعية العامة المنعقدة يوم 17 نوفمبر المنصرم بفندق مازفران، بين انقسام المشاركين بشأن تجميد قرار شل المحاكم والمجالس القضائية ومقاطعة افتتاح السنة القضائية التي كانت مقررة اليوم، فتباينت مواقف تدعو إلى تنفيذه حفاظا على كرامتهم واستعماله ''بارومتر'' لقياس جدية وزارة العدل، وبين الداعين إلى تجميده لمنح وزير العدل الجديد محمد شرفي، فرصة لاستيضاح نيته في الاستماع إليهم. من جانبه، أفاد نقيب محامي العاصمة عبد المجيد سليني، أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أعطى أوامر لوزير العدل، بالتكفل الجدي وإبقاء باب الحوار مفتوحا لتدارس جميع مطالب أزيد من 25 ألف محام، وإتباعها باستجابة فعلية على أرض الواقع. وقال سليني في تصريح ل''الخبر''، إن الترخيص لهم بعقد جمعيتهم العامة بقصر الأمم بنادي الصنوبر، مؤشر على توجه في السلطات العمومية للاستجابة لمطالبهم، مشيرا إلى أن طلبا مشابها وجهه إلى أحمد أويحيى عندما كان وزيرا للعدل، للترخيص لهم باستغلال نفس المكان، فكان رده كتابيا بأن ''نادي الصنوبر مخصص فقط للأشغال الرسمية''. وأوضح نقيب العاصمة أن أطرافا وصفها ب''اللوبي'' تسعى إلى ''تركيع'' المحامين وإجهاض كل تحركاتهم المتعلقة بترقية المهنة، وغرضهم ''إضعاف'' المحامي وسلبه قوته كهيئة دفاع. وأشار البروتوكول المتضمن 18 نقطة، الموقع بين وزير العدل واتحاد المحامين بتاريخ 28 نوفمبر الماضي، تحوز ''الخبر'' نسخة منه، إلى إنشاء لجنة مشتركة تتشكل من الوصاية ومجلس الاتحاد لدعم اقتراحات المشروع، ولجنة ثانية لدراسة وضعية سير الملفات القضائية بخصوص التأجيلات وتقديم الاقتراحات المناسبة لعلاجها. كما تعهد وزير العدل بالسعي لدى زميله في الحكومة وزير المالية بتخفيض الرسم على القيمة المضافة ليكون متطابقا مع باقي المهن الحرة، وإنشاء صندوق خاص لتقاعد المحامين، والاتفاق على إشراك ذات المجلس في إعداد مشاريع قوانين جهاز القضاء وحقوق الإنسان. واتفق وزير العدل خلال اجتماعه بمجلس الاتحاد، بتقديم المساعدة لمنظمات المحامين لدى الولاة للحصول على قطع أرضية لإنجاز مقرات المنظمات، وإدراج قائمة محامين المستفيدين من السكنات ذات الطابع التساهمي وفق الشروط المنصوص عليها قانونا، علاوة على تأكيده بوجود برنامج لإعداد البطاقة القضائية لكامل الجهات القضائية على مستوى الوطن.