تمكن المئات من المحامين بالعاصمة، أمس، من كسر طوق أمني مشدد، وساروا من محكمة سيدي امحمد بشارع عبان رمضان إلى مقر المجلس الشعبي الوطني، مرددين شعارات ''الدفاع يريد إسقاط المشروع''، في إشارة إلى رفضهم مشروع قانون تنظيم المحاماة المثير للجدل. انتقد المحامون بشدة النقيب الوطني، مصطفى الأنور، المتهم ب''التخاذل أمام إرادة الوزارة إخضاع المهنة لوصايتها''. كانوا حوالي 600 محام ارتدوا الجبة السوداء، وانطلقوا مندفعين من المحكمة إلى مبنى الغرفة البرلمانية الأولى لاستعراض غضبهم من ''قانون العار'' كما سموه، وهو مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة الذي بلغ مسامع المحامين بأن مناقشته تأجلت إلى دورة الخريف المقبلة، بينما كانت مدرجة في أشغال دورة الربيع الحالية. ووجد المحامون، وعلى رأسهم نقيب العاصمة، عبد المجيد سليني، العشرات من رجال الأمن يحاصرونهم عند مخرج المحكمة. وبدا على تصرفات الأمن أنه تلقى تعليمات صارمة لمنع المحامين من تخطي حدود المحكمة. وفي المقابل كان المحامون أكثر تصميما على تنفيذ الهدف، وهو تنظيم وقفة احتجاج أمام مبنى المجلس الشعبي الوطني. ونشبت معركة جسدية بين المحامين ورجال الأمن دامت حوالي 15 دقيقة، نجح أصحاب الجبة السوداء على إثرها في كسر الطوق الأمني الذي فرض عليهم من ثلاث جهات. وسار المحامون مجموعات وفرادى مسرعين في شارع عبان رمضان باتجاه شارع زيغود يوسف. وتحت تعليمات ضباط الأمن، انطلق عناصر الأمن يجرون في الشارع لإيقاف المتظاهرين ومنعهم من الوصول إلى نقطة الاعتصام. في هذه اللحظة توقفت حركة المرور في شارع عبان رمضان، وخرج سكان العمارات من الشرفات لمتابعة الوضع غير العادي في الشارع الذي ملأه صراخ وهتافات المحامين المطالبين بسحب المشروع الموصوف ب''المكمم لمهنة المحاماة''. ولم يسلم رئيس الاتحاد الوطني لنقابات المحامين، مصطفى الأنور، من هجوم الغاضبين الذين طالبوه بالاستقالة لأنه يزكي مشروع القانون، حسبهم. وحاول بعض المحامين الدخول إلى المجلس الشعبي الوطني، لكن الشرطة منعتهم. وتوقفت حركة السيارات في شارع زيغود يوسف دقائق معدودة، وظهر على تصرفات رجال الأمن أنهم تلقوا أوامر بعدم الذهاب بعيدا في استعمال القوة لصد تقدم المحامين نحو مقر الغرفة البرلمانية. وانتهى الاعتصام بكلمة ألقاها سليني، عبر فيها عن رفض المحامين المشروع. وعاد المستاؤون أدراجهم في هدوء. وقبلها التقى عبد المجيد سليني بصحافيين بالمحكمة، لتبليغهم بأن نقابة العاصمة مصرة على سحب المشروع وبأن المحامين المنخرطين فيها البالغ عددهم 5 آلاف، مستعدون لمقاطعة جلسات المحاكمة ''لوقف ظلم العدالة'' إذا لم تلغ وزارة العدل النص. وقال سليني: ''لم نتلق لفتة ولا أي اهتمام من أي جهة، ورغم أننا سمعنا بأن المشروع تأجلت مناقشته، فإن مطلبنا بسحبه وإلغاء نصوصه التي تخضع المهنة لوصاية الوزارة، يظل قائما''. مشيرا إلى أن نص المشروع يتحدث في ديباجته عن استقلالية المحاماة وترقية الدفاع ودولة القانون، ''ولكن العكس تماما مكرس في مواده''. ويتوجه احتجاج المحامين أساسا إلى المواد 9 و24 و,124 التي تتعلق بسير جلسات المحاكمات وتحديد هامش حرية المحامي في التحفظ على طريقة إدارتها من طرف القاضي، الذي يمكنه أن يأمر بمتابعة المحامي قضائيا وفصله من النقابة، إن قدر بأنه تجاوز الحدود في اعتراضه على تصرفاته. وتحدى سليني مصطفى الأنور أن يعرض المشروع على الجمعية العامة للاتحاد الوطني لنقابات المحامين ''ليتأكد بأنه الوحيد الذي يزكي المشروع الذي يريد من المحامي أن يطأطئ رأسه وهو يدافع عن موكله''.