حازت الصحراء الجزائرية وتركيا على الريادة، باعتبارهما الوجهتين المفضلتين لدى الجزائريين لقضاء عطلة نهاية السنة والاحتفال ببداية السنة الجديدة، نظرا للأوضاع الأمنية غير المستقرة التي تعرفها بعض الدول العربية التي كانت إلى وقت قريب الرائدة في استقطاب السياح الجزائريين. غابت التنافسية لدى الوكالات السياحية هذه السنة، حيث لم تعرف حجما كبيرا من التخفيضات على عكس السنوات السابقة، وهو الوضع الذي جعل الجزائريين في حيرة بين قضاء العطلة خارج البلاد أو التوجه نحو الصحراء التي فتحت أبواب موسمها السياحي متأخرة عن المعتاد. ووفق ما أكده مسؤولو الوكالات السياحية التي زارتها ''الخبر''، فإن تركيا تعتبر الوجهة الأولى بالنسبة للسياحة الخارجية، تليها المغرب ودبي، مؤكدين أن التخفيضات المقدمة على الفنادق والنقل غير هامة، لكنها لم تمنع تنقل الجزائريين للاستجمام خاصة أن عطلة نهاية السنة الميلادية تزامنت مع العطلة المدرسية. وبالنظر إلى الأوضاع التي تعرفها بعض الدول العربية على غرار تونس وتدهور الوضع الأمني بها، فإن الجزائري أصبح يفضل زيارة مسقط رأس لميس ومهند، ويبحث عن التعرف على خصوصيات السياحة لدى جارتنا مراكش واكتشاف عالم التسوق في دبي. تركيا الوجهة الأولى أكد حمديس ماسينيسا، مدير شركة مواكب الإدارة وتشغيل الفنادق ومسير وكالة شرشال للسياحة بالعاصمة، أن تركيا والمغرب ودبي تعتبر الوجهات الأكثر طلبا من طرف زبائن الوكالة، مشيرا إلى أن المواطنين شرعوا في الحجوزات منذ بداية نوفمبر المنصرم، في حين اهتمت فئة معتبرة بالقيام بإجراءاتها لاقتناء التذاكر واستخراج التأشيرة منذ أكتوبر الماضي، وقال إن أغلب الزبائن ينتظرون إلى اللحظات الأخيرة قبل العطلة لاقتطاع تذاكرهم، وهو ما لا يتيح لهم الخيارات المرغوب فيها من حيث نوعية الخدمات والإقامة وحتى الوجهة والسعر. وكلما تردد الزبون على الوكالة مبكرا، يؤكد حمديس، يكون السعر في متناوله، نظرا لتوفر العرض في حين ترتفع الأسعار كلما نقص. وعن التخفيضات أكد حمديس أن سعر تذكرة السفر نحو دبي مثلا بلغ 125 ألف دينار، مع الإقامة في فندق 3 نجوم وتوفير التذكرة، فيما استفاد المتوجهون نحو المغرب من تخفيضات إلى 75 ألف دينار نحو مراكش، خاص بشخصين بالغين وطفلين لقضاء 8 أيام و7 ليالي، فيما بلغت تكلفة قضاء 5 ليالي في مراكش و2 ليالي في الدارالبيضاء 47 ألف دينار، مع تخصيص نصف يوم لاصطحاب الزبائن في نزهة. ضعف التعاون بين المتعاملين يعرقل الترويج السياحي واشتكى حمديس من ضعف التعاون من طرف الفنادق والمؤسسات السياحية العمومية لإشراك الوكالات الخاصة في الترويج للسياحة الداخلية، ذلك أن الغلاء الذي تعرفه الفنادق في كل من تمنراست وبجاية يتعدى غلاء الأسعار في الدول الأجنبية، وهو ما يجعل الجزائريين يفضلون التوجه نحو الخارج على حساب السياحة الداخلية، وقال إن الفنادق لا تتعامل مع الوكالات السياحية بمرونة ولا تقدم لها التخفيضات المناسبة التي تسمح لها بالحفاظ على هامش الربح وترقية السياحة الوطنية. وتوقّع محدثنا بأن التوجه نحو تونس سيعرف انتعاشا في الأيام الأخيرة المقبلة، نظرا للتخفيضات الهامة التي قدمتها الفنادق والمرافق السياحية هناك، والتي من شأنها التحفيز على زيارة البلد وتبديد المخاوف جراء الوضع الأمني المتذبذب. 90 في المائة من المواطنين يقصدون الصحراء وبخلاف حمديس ماسينيسا، فإن أرزقي الطاهر، المدير التجاري بالديوان الوطني للسياحة، يؤكد أن السياحة الداخلية انتعشت في الآونة الأخيرة، حيث وجهت 70 في المائة من البرامج نحو السياحة الصحراوية، خاصة تيميمون وغرداية وجانت وتمنراست، في إطار برامج متكاملة تشمل النقل في حافلات خاصة والمرافقة في المدينة وسهرة نهاية السنة. وقال في هذا الصدد إن الديوان اقترح برامج جديدة في مدينة بسكرة خاصة بفندق الزيانيين وحمام الصالحين، وسطر برامج سياحية ثرية في المدن الساحلية أيضا على غرار وهران وتلمسان وبجاية، إلا أن الصحراء تبقى الوجهة المفضلة بعدما تخطت 90 في المائة من التسجيلات لدى المواطنين، حيث حجزت كل الأماكن في جانت وتيميمون فيما تبقى القليل منها بغرداية وبسكرة، نظرا للالتزامات التي قدمها الديوان تجاه الفنادق. الوضع الأمني أضرّ بالسياحة الصحراوية ويهتم الزبائن الأجانب بالتسجيل بصفة مستقلة عبر الوكالات الخاصة، حيث سجل الديوان نقصا ملحوظا بالنسبة لزيارات الأجانب، في ظل الأوضاع التي تعرفها المنطقة الصحراوية على خلفية الصراعات الدائرة في مالي وليبيا، وهو ما انعكس، يضيف أرزقي، على حجم توافد السياح الأجانب على الصحراء والذي ''انخفض عن السنوات الماضية''. ويركز الديوان على السياحة الداخلية وتشجيع الأجانب على زيارة مختلف مناطق البلاد، وقال إن ''السنة الجارية كانت استثنائية''، حيث منحت فرصة هامة لإنعاش السياحة في بعض الولايات، بعدما عدّلت الوكالات من طريقة نشاطها بتخصيصها مجالا لاقتراح برامج في بعض ولايات الوطن، وقال إن تكاليف التنقل والإقامة والإطعام لمدة تتراوح بين 5 و6 أيام في المدن الداخلية للوطن، تتراوح بين 20 و37 ألف دينار، وهي الأسعار التي حرص الديوان، وفق محدثنا، على مراجعتها وضبطها بما يسمح للمواطنين بالتنقل عبر ولايات الوطن وبأقل الأسعار. أسعار تذاكر ''الجزائرية'' ملتهبة من جانبه، أشار بن منصور، مساعد مسير ''الإفريقية للسياحة والأسفار'' في العاصمة، إلى أن الوكالة لم تخصص تخفيضات لنهاية السنة، نظرا لاستقرار أسعار التذاكر بمؤسسة الجوية الجزائرية ومؤسسة ''كنان'' للنقل البحري وعدم إعلانهما عن تخفيضات. وقال إن الطلب هذه السنة تضاعف على تركيا والمغرب، وانتعشت الرحلات إلى دبي، حيث أصبحت ''الوجهة الثانية لهذه السنة، نظرا لما يعرفه البلد من ثراء ثقافي وسياحي وخصوصياته الهامة في مجالات التسوق، ناهيك عن عمله بطريقة الموافقة على التأشيرة، التي تعتبر ميزة هامة ساهمت في توجّه المواطنين إلى دبي''. وأضاف أن نزهات المسجد الأزرق في تركيا والمتاحف والأماكن الدينية، تستقطب اهتمام المواطنين، في وقت ''تقلص الطلب على التذاكر نحو تونس إلى النصف''. ولا تزيد مدة الإقامة بالنسبة لأغلبية المواطنين على 5 أيام، في حين يبقى التكفل بالسفر حسب اختيارات الزبون غالبا. وأكد منصور على وجود مشكلتين تواجهان ترقية السياحة الوطنية، تتعلق الأولى بغياب إرادة سياسية لتطوير القطاع وإنعاش السياحة الداخلية ومشكل نقص المرافق السياحية وثقافة الأشخاص. نفاد تذاكر السفر ابتداء من 23 ديسمبر الجاري مسيّرة وكالة ''ريال لوجيستيك'' بالسكوار، تقول إن تذاكر السفر الخاصة بعطلة نهاية السنة، لن تكون متوفرة ابتداء من 23 ديسمبر الجاري في كل الاتجاهات، كما ستكون الفنادق محجوزة. وأوضحت المتحدثة بأن الوجهة الأولى، كانت هذه المرة إلى تركيا، تلتها مدريد وأليكانت في إسبانيا وباريس ومارسيليا في فرنساومراكشوالدارالبيضاء في المغرب، حيث تم تقديم تخفيضات على ثمن الرحلات من طرف شركات الطيران الأجنبية لاستقطاب الزبائن، خاصة أن عطلة نهاية السنة تزامنت مع العطلة المدرسية للأطفال، كما أن العائلات تحرص على اغتنام فرصة التخفيضات في الدول الأوروبية التي تنطلق ابتداء من 5 جانفي الداخل. أسعار مستقرة خلال جانفي القادم ويبلغ ثمن التذاكر نحو مرسيليا 15 ألف دينار و18 ألف دينار إلى 25 ألف دينار نحو إسبانيا و26 ألف إلى باريس، وستعود الأسعار للاستقرار في حدود 19 ألف خلال جانفي المقبل، حسب محدثتنا التي أكدت أن الظروف الأمنية في بعض الدول العربية والأجنبية، قلصت من الوجهات السياحية، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على الأسعار. وعن السياحة الداخلية، أوضحت بأنها تكون منتعشة باتجاه الصحراء، خاصة منطقة تيميمون، حيث وجهت الوكالة 40 في المائة من زبائنها نحو الصحراء. وأشارت إلى أن الذهنية الجزائرية تغيرت وانفتحت على السياحة، حيث أصبحت العائلات تسافر إلى الخارج للاستجمام، بينما يكثر الطلب على الدول التي لا تتطلب استخراج التأشيرة. سالمي عبد الكريم، مدير وكالة أحلام الملوك بالبريد المركزي، أكد أن ''اسطنبول تعتبر وجهة العام بالنسبة للجزائريين''، في ظل تراجع الطلب على التذاكر باتجاه مصر وتونس. وبالنسبة لنوعية المواطنين الذين يترددون على الوكالات، قال إن أغلبهم من العائلات، بالإضافة إلى بعض الشباب والعرسان الجدد ومديري مؤسسات يقتطعون التذاكر من أجل حضور مؤتمرات أو غير ذلك. وبخلاف الزبائن المعتادين، توجد طبقة اجتماعية في بلادنا، يضيف ذات المتحدث، يرغب أصحابها في السفر خلال العطلة المدرسية لأطفالهم وبصفة دائمة خلال فصول السنة، وهو ما يشكل، حسبه، بوادر انتشار الثقافة السياحية في بلادنا. القصبة ما تزال غير آمنة من جهتها، سجلت ياحي لامية، مساعدة مدير وكالة شرشال للسياحة، عدة ملاحظات باعتبار الخبرة التي تملكها في المجال، وأكدت أن الزبائن الجزائريين غالبا ما يبحثون عن فنادق بخدمات راقية وقريبة من مركز المدينة وبأقل الأسعار، وهي الخيارات التي لا تكون غالبا متوفرة. وقالت إن الأجانب يرغبون في زيارة المدن الداخلية، إلا أن الثقافة السياحية لدى مواطنينا جد ضعيفة وهو ما يعرّض بعض السياح الأجانب، وفقها، إلى التحرشات والسخرية خاصة بأحياء القصبة، وهي حالة لا تشجع، حسبها، على استقطاب الأجانب، إضافة إلى غياب التسهيلات في الفنادق والنقل وقلة الخيارات من حيث نوعية الخدمات المقدمة.