مع اقتراب نهاية العام وبداية العدّ التنازلي للاحتفال بالسنة الجديدة 2010، شرع العديد من الجزائريين في اختيار الوجهة التي سيقضون فيها رأس السنة، من خلال الحجز في الفنادق ومختلف الوكالات السياحية التي أعدت برامج خاصة بهذا الموعد. فما هي الأماكن والوجهات التي تم اختيارها هذا العام لقضاء ليلة الحادي والثلاثين ديسمبر؟ وهل أثّر وباء انفلونزا الخنازير تنقل الأشخاص والاحتفال في جو مميز بعيدا عن ضوضاء المدن وصخبها؟. فإذا كانت رواتب البعض والتزاماتهم العائلية لا تمكنهم من التنقل خارج الوطن أو حتى داخله للاحتفال بحلول السنة الميلادية الجديدة، فإن البعض الآخر لا يفوّت هذه الفرصة من خلال الحجز المسبق بالفنادق والوكالات السياحية التي تحولت هذه الأيام إلى قبلة للراغبين في التنقل والسفر، ما جعلها تعد برامج خاصة لإرضاء الزبائن الذين تختلف مستوياتهم الثقافية والمادية أيضا، كما لم يفوت هؤلاء الفرصة لبرمجة سهرات فنية متنوعة لإحياء رأس السنة، وبرمجة خرجات إلى المناطق السياحية بصحرائنا التي يقصدها الجزائريون والسياح القادمين من دول أوروبية مختلفة.
فبعدما كانت الدول الأوروبية وحتى الدول العربية الوجهة المفضلة لقضاء ليلة رأس السنة الميلادية بالنسبة للعديد ممن تسمح لهم إمكانياتهم المادية بذلك، فإن الأمر اختلف هذا العام، حيث تحولت الأنظار إلى الجنوب الجزائري ومناطقه السياحية الساحرة التي أصبحت جد مطلوبة خاصة غرداية، تيميمون، جانت وبسكرة، كما أكد على ذلك مسؤولون بوكالات سياحية ل "المساء" منهم الرئيس المدير العام لمجمع نسيب للسياحة والسفر الذي أشار إلى انه تم هذه السنة اختيار الجنوب الجزائري لتشجيع السياحة الداخلية بالنظر إلى ما تزخر به هذه المناطق من إمكانيات طبيعية جذابة، على غرار بسكرة التي تم حجز كل فنادقها قبل أكثر من أسبوع، بالإضافة إلى تيميمون والاهقار وتمنراست التي فضلها السائح الأجنبي والجزائري الذي كان يسافر نحو ساحة برج إيفل بباريس للاحتفال بقدوم العام الجديد، قبل ان يغير وجهته هذه السنة إلى ولايات الجنوب الجزائري للتمتع بأحلى السهرات الفلكلورية تحت خيمة التوارق التي بهرت وجذبت أيضا السياح الأجانب وأبناء جاليتنا بالخارج. وتعد تيميمون من بين المناطق التي شهدت طلبا كبيرا في الأيام الأخيرة من الشهر الجاري -حسب جمال نسيب-الذي اختار مجمعه نقل زبائنه خاصة العائلات بواسطة الحافلة لتخفيض تكاليف السفر الذي اعتبره جد مرتفعا عن طريق الجو رغم النداء الذي وجهه المسؤولون لتخفيض سعر التذكرة لتشجيع السياحة الداخلية التي انتعشت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. وهو الانطباع الذي عبر عنه ل "المساء" احد الزبائن الذي فضل التنقل إلى تيميمون برا للاحتفال برأس السنة الميلادية رغبة في التنويع واكتشاف ما تزخر به هذه المنطقة التي يقول انه سمع عنها الكثير. فالجنوب الجزائري لم يعد حكرا على الأجانب الذين تعودوا على قضاء أجمل الأوقات به كل عام، حسبما أشارت السيدة عكوشي خيرة المديرة التجارية لوكالة التاج للسياحة والأسفار بالقبة، التي أكدت أن الجنوب الجزائري أصبح مطلوبا هذا العام خاصة من قبل المثقفين من الأطباء والطلبة، حيث حجز55 شخصا منذ فترة للتنقل بالحافلة إلى تيميمون عبر غرداية، والتعرف على مختلف المناطق من خلال قطع 1200كلم برا، فبعد قطع مسافة 600كلم، سيقضي هؤلاء فترة في غرداية وبالضبط بمنطقة بني يزقن، حيث ستقام حفلات فلكلورية بالإضافة إلى التمتع بأوقات مميزة بتيميمون من خلال حفلات بالفندق وأخرى تحت الخيم، يحضرها مهاجرون وأجانب من فرنسا وايطاليا.
من جهة أخرى؛ تراجعت حسب مسؤولي الوكالات السياحية طلبات السفر لقضاء ليلة رأس السنة في الخارج عكس السنوات الماضية، كما لم تعد تونس الوجهة المفضلة بالنسبة للجزائريين، بعدما خطفت منها الأضواء مدينة اسطنبول التركية التي قال بعض الذين التقتهم "المساء" أنها تختلف بحضارتها وجمالها عن تونس التي ظلت لسنوات من أهم وجهات الجزائريين لقضاء العطل والمناسبات، بالإضافة إلى الأسعار التنافسية المطروحة للسفر إلى تركيا. وحسب هؤلاء؛ فإن مناطقنا الصحراوية يجد فيها السائح ما لا يجده في تونس خاصة الاسكرام بتمنراست والمتحف المفتوح على الهواء الطلق بالاهقار والبقرة الباكية بجانت، مما جعل الوجهة هذا العام تتغير سواء بالنسبة للداخل أوالخارج، حيث أصبح المغرب هو الآخر مطلوبا من قبل البعض، بينما فقدت مصر زبائنها وزوارها من الجزائريين نتيجة أحداث القاهرة وتداعيات المقابلة الأخيرة بين الفريقين الوطني والمصري. وحسب الرئيس المدير العام لمجمع نسيب للسياحة فإن حوالي700 جزائري كانوا يتوجهون إلى مصر خلال عيد رأس السنة، تم تحويلهم إلى تركيا وتونس، حيث قاطعت الوكالات التابعة للمجمع هذا البلد، وهو الموقف الذي اتخذته أيضا العديد من الوكالات السياحية على غرار وكالة انستازيا بساحة أول ماي ووكالة التاج للسياحة بالقبة التي خصصت برنامجا احتفاليا لزبائنها بالمناطق الجنوبية وكذا ببالم بيش بالعاصمة.
نقص الهياكل يعيق السياحة الصحراوية
وسجلت وكالات السياحة والأسفار طلبات متزايدة على الجنوب الجزائري، وأرجعت ذلك إلى السمعة الطيبة التي تتمتع بها هذه المناطق والأمن الذي يميزها، وخصوصية مناظرها، إلا ان نقص الهياكل السياحية يبقى عائق السياحة الصحراوية، سواء خلال إحياء ليلة رأس السنة الميلادية أوخلال المناسبات والمواسم الأخرى، الأمر الذي يتطلب تدعيم هذه المناطق بالمرافق اللازمة وتهيئتها لجلب السياح واستقبالهم ، كما أشار مسؤولو الوكالات السياحية الذين أكدوا أن نقص الفنادق يعد من المشاكل الأساسية خاصة في بعض المناطق التي تشهد إقبالا كبيرا للسياح، كتيميمون التي تتوفر على فندق واحد وهو فندق "قورارة" الذي يخضع للتجديد. على صعيد آخر؛ أشار بعض مسؤولي الوكالات السياحية أن وباء أنفلونزا الخنازير لم يؤثر على تنقلات الجزائريين وسفرهم لقضاء ليلة رأس السنة سواء داخل الوطن أوخارجه، مشيرين إلى أن هذا الداء اكسب معظم المواطنين عادات ايجابية تتعلق بنظافة المحيط والإقبال المكثف على المواد المطهرة.