اختتمت قمة دول مجلس التعاون الخليجي، أمس، بالعاصمة البحرينية، المنامة، بالمصادقة على اتفاقية أمنية والدعوة للعمل على إنشاء قيادة عسكرية موحدة تقوم بحماية حدود ومصالح دول المجلس، فيما اعتبر المراقبون أن هذه الخطوة تعكس حالة القلق التي تعيشها دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي دعا القادة الخليجيين للتفكير بجدية في مسألة الاتحاد الخليجي، على أمل أن يصبح قوة إقليمية قادرة على مواجهة التحديات الخارجية المشتركة. يأتي انعقاد القمة الثالثة والثلاثين لتعكس القلق الخليجي من التغيرات التي تشهدها المنطقة ولعل أهمها تلك التي تعصف بالبلد المستضيف للقمة، البحرين، حيث شهدت رياحا تدعو للتغيير، خاصة وأن قادة الخليج يعتقدون أن اليد الإيرانية وراء هذه الرياح، على اعتبار أن التوتر في البحرين اتخذ طابعا طائفيا بين الغالبية الشيعية والأقلية السنية الحاكمة، ولعل التخوف من المستقبل ما ساهم في تجدد الحديث عن الاتحاد الخليجي، والذي كان الملك السعودي عبد الله أول من دعا إليه، لتبقى الدعوة مجرد فكرة للنقاش دون الخوض في تفاصيلها وإمكانية إيجاد طرق لتجسيدها، إذ يرى المراقبون أن مسألة توحيد المملكات والإمارات الخليجية ليس بالأمر الهين، بالنظر لما يعترضه من مشكلات قد تحول دون تحقيق الوحدة المنشودة على الرغم من القواسم المشتركة بين هذه الدول. ويكفي التذكير بالصعوبات التي واجهت السوق الخليجية المشتركة والعراقيل التي حالت دون تجسيدها، وذلك على الرغم من النوايا الحسنة لقادة الخليج للجعل من السوق الخليجية قوة اقتصادية وسوقا، مع الأخذ بالحسبان ما تتوفر عليه هذه السوق من قدرات وما تمثله من رهان اقتصادي، إذ من المنتظر أن يصل تعداد السكان في دول المجلس إلى حوالي خمسين مليون نسمة بحلول سنة ,2015 وإن كانت النسبة الغالبة هي العمالة الأجنبية إلا أنها تبقى تمثل سوقا استهلاكية مهمة، هذا بالإضافة إلى توفرها على نصف احتياطي البترول العالمي وغيرها من الموارد الطبيعية التي تسمح لها ببعث التنمية الاقتصادية في المنطقة، والحال أن التعاون الاقتصادي بين دول المجلس حقق قفزة نوعية، إذ بلغ حجم التبادل التجاري حوالي 85 مليار دولار السنة الماضية بعدما كان لا يتجاوز ستة ملايير دولار مطلع الثمانينينات. غير أن الحديث عن التنسيق الاقتصادي يختلف عن الحديث عن الاتحاد السياسي بالنظر لطبيعة أنظمة الحكم التي تظل تقليدية وعشائرية تكاد ترتبط بعائلات وقبائل بعينها بغض النظر عن إرساء مؤسسات للدولة ومشاركة المواطنين في الحياة السياسية، من هذا المنطلق يستبعد المراقبون أن يقوم الاتحاد الخليجي على أساس فيدرالي يقوم على حكومة مركزية وقوانين واحدة، بقدر ما يتم التفكير في النظام الكونفيدرالي الذي يضمن لكل دولة استقلاليتها على أن يتم توحيد السياسات الخارجية والاقتصادية والدفاعية، وهي كلها مجالات بادرت دول مجلس التعاون الخليجي لتجسيدها منذ سنوات، وقد قامت القمة المختتمة في البحرين بالدعوة لإنشاء قيادة عسكرية خليجية موحدة.