في وقت تزداد فيه المخاطر على دول الخليج ووسط دعوات متكرّرة للوحدة، يعقد قادة دول مجلس التعاون الخليجي قمّة تشاورية اليوم الاثنين في الرياض لبحث العديد من الملفات المهمّة، وعلى رأسها احتمال إقامة نوع من الاتحاد بين السعودية والبحرين التي تواجه حركة احتجاجات تنادي بإقامة ملكية دستورية والمزيد من الإصلاحات الديمقراطية· إذ سيكون الاتحاد المذكور على غرار نمط الاتحاد الأوروبي، حيث ستحتفظ كلّ دولة بكيانها السياسي· ويأتي العمل على التحوّل من صيغة التعاون الخليجي إلى الاتحاد متّسقًا مع أحد الأهداف الرئيسة المنصوص عليها في النّظام الأساسي لدول المجلس، وهو (تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها)· وأوضح مسؤول خليجي رفيع المستوى أن قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الست (السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان وقطر والبحرين) سيشاركون في القمة المرتقبة· وقال رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في جدّة أنور عشقي إن (موضوع الاتحاد سيكون الأساس في القمّة والحديث عنه أو أيّ نوع من الوحدة مردّه الضغوط الإيرانية والفراغ الاستراتيجي النّاجم عن انسحاب الأمريكيين من العراق)· وأعلن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قبل أسبوعين خلال منتدى الشباب الخليجي أن التنسيق والتعاون بين الدول الخليجية قد لا يكون كافيًا، داعيًا إلى التوصّل إلى (صيغة اتحادية مقبولة)· وتواجه دول الخليج مسائل شائكة كالعلاقات الصعبة مع إيران التي تتّهمها دائمًا ب (التدخّل في شؤونها الداخلية) وتشابكها مع ما يجري في سوريا والبحرين والعراق، بالإضافة إلى مخاطر الأحداث في اليمن الذي يبقى مصيرُه عرضة لاحتمالات شتى· وكانت السلطات الإيرانية قد دعت رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال زيارته الأخيرة إلى طهران الشهر الماضي إلى الوحدة مع إيران· وجدّدت الحكومة السعودية التزامَها ب (عدم التهاون مع أيّ تهديد يحاول النيل من سيادة دول الخليج العربية)، ما اعتبره المراقبون (إنذارًا شديد اللهجة موجّهًا لإيران)· وخلال انعقاد اجتماع وزراء داخلية مجلس التعاون الخليجي بالرياض، استنكر الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد السعودي ما وصفه ب (احتلال إيران لجزيرة أبو موسى ودورها في أحداث البحرين)، مؤكّدًا على وقوف دول مجلس التعاون مع البحرين والإمارات· وقال الأمير نايف: (أيّ أذى تتعرّض له أيّ من دولنا هو أذى يمسّنا جميعًا، ونؤكّد في الوقت نفسه وقوف المملكة العربية السعودية وبقّية دول المجلس صفًّا واحدًا مع مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتّحدة في الحفاظ على السيادة والاستقرار باعتبار أن أمنيهما جزءٌ من أمن دول المجلس كافّة)· وجاء التحذير السعودي في أعقاب زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في 11 أفريل الماضي إلى جزيرة (أبو موسى)، وهي الزيارة التي وصفها مجلس التعاون بأنها (استفزازية) وردّت إيران بأنها (شأن داخلي محض)· وتعتبر جزيرة (أبو موسى) إحدى الجزر الثلاث التي تقول الإمارات إنها تابعة لها وتتّهم إيران ب (احتلالها) وتقع قرب الممرّات البحرية لنقل النّفط عند مدخل الخليج في مضيق هرمز· وكان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل قد أعلن مؤخّرًا أن دول مجلس التعاون الخليجي تمضي في خطط لإنشاء اتحاد سياسي يشمل توحيد السياسات الخارجية والدفاعية، وهو اقتراح طرحه العاهل السعودي عبد اللّه بن عبد العزيز في ديسمبر الماضي· ويُعتقد أن السعودية تسعى من وراء طرح مبادرة الاتحاد إلى ابتلاع البحرين على الأقل قصد ترجيح كفّة السكان السنة على الشيعة، وبالتالي إخماد الانتفاضة الشيعية البحرينية الجارية منذ فيفري 2012، والتي تطالب بملكية دستورية وبإصلاحات ديمقراطية عميقة تضع حدّا للنّظام الشمولي في هذه المملكة الصغيرة·