تمكنت قوات التحالف ''سيليكا'' المتمردة على نظام إفريقيا الوسطى من السيطرة على معظم مدن الشمال والوصول إلى مشارف العاصمة بانغي، دون تلقي أي مقاومة من الجيش النظامي. وطلب الرئيس فرانسوا بوزيزي تدخل فرنساوالولاياتالمتحدة لوقف زحف المتمردين، غير أن طلبه لم يلق صدى في باريس وواشنطن. صل وفد عن المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا إلى بانغي، في محاولة لفتح باب المفاوضات بين الحكومة ومتمردي ''سيليكا''، أي التحالف بلغة ''السانغو''، وهي اللغة الوطنية في البلاد، قبل 10 جانفي، وأرسلت بعثة من ست شخصيات يقودها الجنرال الكنغولي وأمين عام المجموعة، غي بيار غارسيا، إلى مدينة نديلي لمقابلة المتمردين. وكان الجنرال جان فليكس أكاغا، قائد القوة متعددة الجنسيات في وسط إفريقيا، قد أعلن، أول أمس، عن إرسال تعزيزات لضمان أمن بانغي. وصرح الجنرال أكاغا للإذاعة الوطنية في إفريقيا الوسطى أن ''القوة متعددة الجنسيات في إفريقيا الوسطي تسهر على ضمان أمن بانغي إلى أقصى درجة (...) لكن قوات أخرى ستصل لتعزيز تلك القوة وضمان أمن بانغي''. وتشكلت القوة الدولية في 2008، وهي مكونة من500 جندي إفريقي، أساسا من الغابون وجمهورية الكونغو وتشاد والكاميرون، وقد شرعت في الانسحاب تدريجيا، على أن تغادر نهائيا إفريقيا الوسطي مع نهاية .2013 لكن في باريس كان الرد سلبيا على طلب فرانسوا بوزيزي، حيث قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إن الجنود الفرنسيين، المقدر عددهم بحوالي 250 جندي، والمتواجدين أساسا بمطار بانغي، ''ليسوا في حماية النظام''، بل من أجل حفظ أمن وسلامة الفرنسيين. ويقدر عدد الجالية الفرنسية بحوالي 1200 شخص، في مختلف مناطق إفريقيا الوسطى. وتعرضت السفارة الفرنسية ببانغي، الأربعاء الماضي، إلى الرشق بالحجارة من طرف المحتجين الذين رفعوا شعارات معادية لفرنسا. بينما أعلنت الولاياتالمتحدة عن غلق سفارتها وإجلاء رعاياها إلى أماكن آمنة. وأدان من جانبه مجلس الأمن للأمم المتحدة هجمات المتمردين ودعاهم إلى وقف التقدم نحو العاصمة. وطلب بوزيزي من الجارة تشاد الحماية، خاصة وأن رئيسها إدريس دبي كان قد ساعده على الاستيلاء على الحكم في .2003 لكن هذا الأخير لا يبدو متحمسا لإنقاذ صديق الأمس. وسحب، منذ أسبوعين، المائة شخص الذين كانوا يقومون بالحراسة الشخصية للرئيس بوزيزي. ويتشكل تحالف المعارضة ''سيليكا'' من وجوه النظام الحالي، بعد انشقاق وقع بسبب عدم احترام اتفاق السلم الذي دام من 2007 إلى 2011، يقودهم ميشال جوتوديا، وهو دبلوماسي سابق، وناطقه الرسمي جوما ناركويو وإريك ماسي، ابن شارل ماسي، وزير سابق في حكومة بوزيزي. وهم أشخاص لا يعرفهم الرأي العام. لا يعتمدون في حربهم ضد النظام على تمويل من قبائل الشمال المسلمة، ما يطرح تساؤلا كبيرا حول الوسائل القتالية التي مكنتهم من الزحف على شمال البلاد في ظرف وجيز. كما طرحت أسئلة كثيرة عن ماهية السند الخارجي الذي يعتمدون عليه. إفريقيا الوسطي، المحاطة شمالا بالسودان وتشاد، وغربا بالكاميرون، وجنوبا بالكونغو وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وشرقا بجنوب السودان، يسكنها خمسة ملايين نسمة، وهي مستعمرة فرنسية سابقة إلى غاية 1960، عاشت سلسلة من الانقلابات في 1965 و1977 و1979 و1981 و1993 و2001 و2003 لتعرف شبه استقرار بعد انتخابات 2005 ، والتي مكنت بوزيزي من الانفراد بالحكم.