ألقت حادثة اختطاف واغتيال الطفلة شيماء بظلالها على العطلة الشتوية للتلاميذ هذه السنة، بعدما منع القلق العائلات من اصطحاب أبنائها إلى الحدائق بنفس الوتيرة المعتادة، وقلص من نسبة توافدها على بعض مراكز التسلية، كما حرم الأطفال من إمضاء جزء من فترة عطلتهم في الجري عبر ممرات الشوارع أو بين أزقة ''الحومة''، كما جرت عليه العادة. وقد تحدثت ''الخبر'' إلى بعض العائلات ولسان حالها يقول: ''أصبحنا لا نثق إلا في أنفسنا لحماية أبنائنا''. أكدت عائلات التقتها ''الخبر'' بحدائق بن عكنون والتجارب بالحامة و''دريم بارك''، بقصر المعارض، خوفها على أبنائها، خاصة بعد حملة الاختطافات التي قادتها هذه السنة جماعات إجرامية تجاه الأطفال، مع بقاء المجرمين طلقاء لحد الساعة، وأوضحت بأن هذا الوضع ساهم في تقليص إقبالها على المرافق العمومية، كما اضطرها إلى منع أبنائها من الخروج. وفي الموضوع، قال ''قدور. م'' الوافد من بلدية الدويرة في العاصمة، إن الإقبال على حديقة بن عكنون تناقص كثيرا، نظرا لشساعة الحديقة وقلق الأولياء على أبنائهم. وأوضح بأن الوضع الأمني بات غير مطمئن، رغم الإجراءات التي تتخذها الجهات المعنية لتأمين العائلات، والتواجد الكبير لعناصر الشرطة في المكان، إلا أن ذلك لم يساهم، حسبه، في طمأنة العائلات وتحريرها من الخوف على أبنائها بعد المصير الذي لقيته البريئة شيماء. وأضاف المتحدث أن العائلات أصبحت لا توفر جهدا في نصح أبنائها وتوعيتهم بعدم التحدث إلى الغرباء أو الوثوق بهم، كما أن الوضع بات يحتم على الأولياء عدم الوثوق حتى في الجيران وبعض الأقارب، نظرا للحوادث العديدة التي تسمع عنها والتي يتسبب فيها الأقربون إلى الضحايا، مبرزا أن الأولياء أصبحوا جد حريصين على إرشاد الأبناء إلى كيفية التعامل مع الآخرين وعدم تركهم بمفردهم ولو للحظة، نظرا للخوف الذي بات يسيطر عليهم. من جانبه، أكد الطفلان تامر، 6 سنوات، وبوعلام، 8 سنوات، القادمان من ولاية بسكرة، أنهما يخافان البقاء بمفردهما في الشارع، ويفضلان المنزل لتفادي قلق أبويهما، وصارا يشتاقان للخروج واللعب خارج البيت. من جهتها، أوضحت السيدة ''ليلى. س'' بأن الأولياء أصبحوا لا يشعرون بالأمان على أبنائهم وأكدت أن الإقبال على حديقة بن عكنون تناقص مقارنة مع السنوات السابقة، نظرا لمساحتها الشاسعة وصعوبة عملية السيطرة على الأطفال داخلها، وقالت إنها حضرت من خميس مليانة للترويح عن ابنتها التي أصبحت ممنوعة من اللعب خارج المنزل، دون مرافقة والدها. أما ''إ. السعيد''، من ولاية تيزي وزو، فيقول إنه لا يشعر بالأمان على أطفاله، وأصبح أكثر حرصا على أوقات خروجهما، رغم أن عمر بعض أبنائه يتعدى 16 سنة. وأوضح بأن ارتفاع وتيرة اختطافات الأطفال في مجتمعنا، سبب له ''فوبيا''، حيث يبقى على اتصال دائم مع زوجته في المنزل، رغم أنه يقيم في حي سكني محروس، مشيرا إلى أن اصطحابه أطفاله الستة إلى الحديقة بات أصعب من ذي قبل ''نظرا لكثرة حركتهم، وهو ما يستدعي اليقظة التامة من طرف الأولياء''. في المقابل، تعرف حديقة التجارب للحامة توافدا لافتا للعائلات، حيث أكدت السيدة ''هاجر.ب'' أن توفر الأمن وانتشار الشرطة لا يوفر لهم الاطمئنان، نظرا لبقاء العديد من المجرمين طلقاء، إضافة إلى أن ''الأولياء أصبحوا لا يثقون في أي غريب عنهم حتى وإن كان بالزي الرسمي!''. وأوضحت محدثتنا بأن الأولياء سئموا من هذا الوضع، خاصة أنهم منعوا أبناءهم من الخروج للعب في الشارع وهو ما أثر على حالتهم النفسية وزاد من حدة توترهم النفسي، حيث أصبحوا يعمدون إلى ممارسة ألعاب خطيرة داخل المنزل ويصرون على اصطحاب زملائهم إلى البيت، مع نشوب شجارات حادة بينهم، نظرا لضيق المجال في بعض البيوت. أما بحديقة ''دريم بارك''، فإن ''محمد. ط'' أصبح يتفادى التوجه إلى الحدائق الواسعة والغابات، حرصا على سلامته وسلامة أبنائه، خاصة أن العديد من الأشخاص تعرضوا لاعتداءات بالغابات رغم توفر الأمن بها، كما أوضح بأنه يتكفل وزوجته بحراسة أبنائهما بصفة دائمة خارج المنزل، خاصة بعد حوادث اختطاف الأطفال الأخيرة وعجز الجهات المعنية عن فك ألغازها. من جانبها، تقول ''ب. خيرة'' إنها اصطحبت أحفادها بعد الاتفاق مع ابنها على مراقبتهم وإحاطتهم بالعناية التامة، وقالت ''مابقاش لامان كيما بكري، يتوجب علينا حراسة أبنائنا بمفردنا وعدم الاعتماد على الأعوان الذين توفرهم الحدائق''، في إشارة إلى غياب الثقة في الغرباء عن العائلة وحتى في بعض المقربين منها، ذلك أن الأولياء أصبحوا لا يسمحون لأبنائهم بالخروج رفقة جيرانهم أو رفقة بعض أقاربهم أيضا، بعد الحوادث المخيفة التي أصبحت تقع والتي يكون المتسببون فيها غالبا من الجيران أو من الأقارب الذين يستهدفون البراءة لتصفية حساباتهم الخاصة. عادل قايد أخصائي علم اجتماع ''حرمان الطفل من الخروج يهدد توزانه النفسي'' ذهب الباحث في علم النفس الاجتماعي، قايد عادل، إلى أن الأمن يعتبر عنصرا أساسيا لإحداث التوازن في شخصية الأفراد، إذ يؤثر عدم توفيره على الحاجات النفسية الأخرى للفرد، والتي تصبح مهددة بعدم النمو. وأكد أن منع الأطفال من اللعب خارج المنزل وحبسهم لفترات طويلة جراء الخوف عليهم، سيتسبب في تعطيل مراحل النمو النفسي للطفل وحرمانه من اجتياز مرحلة طفولته، خاصة أنه يكون بصدد صراعات نفسية دائمة في مرحلة النمو، والتي تتطلب تعويضها بنشاطات اجتماعية. وأوضح الباحث، في تصريح ل''الخبر''، بأن الحبس في المنزل يخلق للطفل مشاكل نفسية مستقبلا، حيث يواجه اضطرابات في السلوك وينمو على الخوف، وهو ما يجعله يفقد الشعور بالأمان ويمنعه من خوض تجارب في الحياة، الأمر الذي قد يتسبب في خلق مشاكل في ''التكيف الاجتماعي'' بالنسبة للطفل. مسؤول الأمن الداخلي بحديقة بن عكنون تعزيزات أمنية بمناسبة العطلة أفاد بوغرارة علاء الدين، مدير الأمن الداخلي لحديقة بن عكنون في العاصمة، بأن الإدارة عملت على تعزيز الإجراءات الأمنية داخل الحديقة بمناسبة العطلة الشتوية للأطفال، التي ينتظر أن تعرف الحديقة خلالها ارتفاعا معتبرا في مستوى الزوار. وقال إن الإجراءات المتخذة، جاءت بالتعاون والتنسيق مع عناصر الشرطة، التي دعمت الحديقة بعدد إضافي من الأعوان وذلك لضمان تغطية أفضل، والحرص على أمن وسلامة العائلات وأبنائها، لتكون مرتاحة. وأضاف أن الإجراءات الأمنية متوفرة طوال السنة، إلا أنها تعزز أكثر خلال العطل، بالموازاة مع كبر مساحة الحديقة التي تتطلب تجنيدا أكبر لأعوان الأمن. مدير حديقة التجارب بالحامة ''وضعنا برنامجا أمنيا خاصا بالعطلة'' أكد مدير حديقة الحامة، زرياط عبد الرزاق، أن الإدارة سطرت برنامجا أمنيا خاصا بالعطلة الشتوية للأطفال، بعد تضاعف عدد زوار الحديقة الذي بلغ 6000 زائر يوميا، حيث قامت بزيادة عدد الأعوان حرصا على سلامة العائلات وعززت إجراءات الأمان على مداخل الحديقة، خاصة أن الدخول مجاني في الفترة الحالية. مدير ''دريم بارك'' ''الأولياء مرعوبون'' تحدث عمر بعزيز، مدير حديقة الأحلام بالعاصمة، عن أهمية الأمن في استقطاب العائلات إلى حدائق التسلية، وأكد أن الحرص على راحتهم يعد من المبادئ الأساسية التي يعتمد عليها في استقطاب الزبائن، زيادة على ضمان الدخول المجاني للحديقة. وأوضح محدثنا بأن فترات العطل تعرف إجراءات أمنية إضافية، نظرا لارتفاع عدد الزوار الوافدين بنسبة 08 في المائة من بلديات العاصمة. وقال إن الإجراءات المطبقة في الحديقة، تسمح بالعثور على أي طفل ضل الطريق أو لم يجد والديه، حيث يتم استدعاؤهما بمكبرات الصوت لاستلام طفلهم من الإدارة. ويسمح 81 جهاز كاميرا بمراقبة العائلات عن كثب، نصبت بمحاذاة الألعاب البالغ عددها 23 لعبة متربعة على مساحة 4 هكتارات.