تبقى فاتورة استيراد المواد الغذائية مرتفعة وإن عرفت تراجعا ما بين 2011 و2012، حيث قدرت العام الماضي بحوالي 9 ملايير دولار مقابل 75, 9 مليار دولار في 2011ولم تستفد الجزائر من تحسن محصول المنتجات الفلاحية، فضلا عن تراجع أسعارها في الأسواق الدولية. وصرح دكتور الاقتصاد محجوب بدة ل''الخبر''، بأن السوق الجزائرية بحاجة إلى ضبط وإعادة النظر في شبكات التوزيع وقنواته، لتحديد دقيق لحاجيات وحجم الاستهلاك في السوق، بدليل أن الكميات المستوردة بالنسبة للحبوب تتجاوز بكثرة حاجيات السوق المعلنة سنويا، بما في ذلك قدرات التخزين أيضا. وأضاف بدة أن الجزائر تقتني ما بين 7 و9 ملايين طن من الحبوب، وهو ما يعادل أو يفوق حاجيات السوق الإجمالية، دون حساب الإنتاج المحلي الذي يتراوح ما بين 5 و7 ملايين طن. ونفس الأمر ينطبق على السكر والحليب، فالكميات المستوردة لا تعكس فعليا حجم حاجيات السوق وقدرتها الاستيعابية، فالإنتاج المحلي للسكر يتراوح ما بين 950 ألف و2 ,1مليون طن سنويا، لكن الجزائر تقوم باستيراد ما بين 6 ,1 إلى 2 مليون طن وهي كميات في المحصلة تفوق حاجيات السوق الجزائرية، يضيف محجوب بدة. ليستطرد أن السوق الجزائرية بحاجة إلى ضبط شبكة التوزيع من المنتج إلى المستهلك، مع التركيز على التقليل عن الوسطاء الذين يساهمون في بروز المضاربة في تسويق المنتجات الغذائية. في نفس السياق، أكد الخبير الدولي جورج ميشال أن مشكل المضاربة والتهريب وعدم التحكم في سلسلة الإنتاج والتوزيع، يساهم، في البلدان النامية ومنها الجزائر، في تسرب أجزاء من الإنتاج أو المنتجات المستوردة، مضيفا أنه غالبا ما تساهم الأسواق الموازية وغياب الاحترافية وضعف قدرة الدولة على الضبط والمراقبة ومركزية التخطيط، في عدم القدرة على التحكم في الأسواق وبالتالي تكون الفواتير مبالغا فيها، ناهيك عن الاحتكارات المقنعة التي تبرز في العديد من البلدان النامية حديثة العهد بتحرير التجارة الخارجية والاقتصاد. كما يلاحظ، حسب الخبير الدولي، أن الاضطرابات التي حدثت في المنطقة العربية، ساهمت في دفع الحكومات إلى ضمان الاستقرار والسلم الاجتماعي بأي ثمن وإن ساهم ذلك في مضاعفة مقتنياتها من المواد الأساسية، المهم ألا تكون هناك ندرة أو نقص. وكشفت مصالح الجمارك أن واردات المواد الغذائية بلغت 10 ,8 مليار دولار خلال 11 شهرا من 2012 أي بمعدل شهري يصل إلى 737 مليون دولار مقابل 98 ,8 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2011 أي بمعدل 816 مليون دولار شهريا، وتمثل المواد الغذائية قرابة 20 بالمائة من حجم واردات المواد الغذائية الجزائرية. واستفادت الجزائر من عامل مزدوج ولاسيما بالنسبة للحبوب وهو ارتفاع الإنتاج المحلي وتراجع الأسعار، ما ساهم في انخفاض الواردات من 75, 3 مليار دولار في 2011 إلى 92 ,2 مليار دولار في .2012