حبَا اللّه تعالى رسوله الكريم صلّى اللّه عليه وسلّم بأخلاق وصفات عظيمة، وأوجب على كلّ مسلم حبّه وتوقيره، فقال تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} الفتح:9. فمن حبّه وتعظيمه صلّى اللّه عليه وسلّم الأدب معه، والأدب معه صلّى اللّه عليه وسلّم أدب مع اللّه، إذ الأدب مع الرّسول هو أدب مع المُرْسِل سبحانه وتعالى، كما إنّ طاعة الرّسول طاعة لله تعالى، قال اللّه تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّه وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} النساء:80، فلا يُتصوّر محبّته صلّى اللّه عليه وسلّم مع سوء أدب معه. قال ابن تيمية: ''إنّ قيام المدحة والثناء عليه والتوقير له صلّى اللّه عليه وسلّم قيام الدّين كلّه، وسقوط ذلك سقوط الدّين كلّه''. ويقول ابن القيم: ''وأمّا الأدب مع الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم، فالقرآن مملوء به، فرأس الأدب معه كمال التّسليم له والانقياد لأمره، وتلقّي خبره بالقبول والتّصديق، دون أن يحمله معارضة خيال باطل يسمّيه معقولاً، أو يحمله شبهة أو شكا، أو يقدّم عليه آراء الرجال وزبالات أذهانهم، فيوحّده بالتّحكيم والتّسليم، والانقياد والإذعان، كما وحّد المُرْسِل بالعبادة والخضوع، والذلّ والإنابة والتوكّل، فهما توحيدان لا نجاة للعبد من عذاب اللّه إلاّ بهما: توحيد المُرْسِل، وتوحيد متابعة الرّسول فلا يُحاكم إلى غيره..''.