تمكنت فرنسا، بعد أسبوعين من شن الحرب في مالي، من استرجاع غاو والزحف نحو تومبوكتو، وهي أهم مدن الشمال، من خلال عمليات قصف جوي، دون تسجيل أي معارك أو اشتباكات على الأرض مع عناصر الجماعات المسلحة. باستثناء مدينة ''كونا'' وسط مالي، التي تطلبت السيطرة عليها معارك طاحنة بين سلاح الجو الفرنسي، مدعوما بقوات الجيش المالي على الأرض، في مواجهة عناصر حركة أنصار الدين والتوحيد والجهاد، والتي تردد أنها خلفت مئات القتلى في صفوف هذه الأخيرة، فإن قيادة القوات الفرنسية اعترفت بأنها لم تجد أي مقاومة في السيطرة على مدينة غاو أو تومبوكتو المدينة التاريخية في مالي المحتلة من قبل الحركات الإسلامية منذ 9 أشهر. وقال وزير الدفاع الفرنسي إن وحدات الجيش الفرنسي لم تتعرض في طريقها لفرض السيطرة على تلك المدن سوى لعمليات إطلاق نار معزولة لبعض أفراد عناصر التنظيمات الإرهابية. وحسب شهادات متطابقة للسكان، نقلتها عدة مصادر إعلامية، فإن عناصر الجماعات المسلحة انسحبت من المدن، باتجاه أقصى الشمال، خوفا من القصف الجوي للطائرات الفرنسية، وهو ما اعترف به أمير القاعدة في الساحل، يحيى أبو الهمام، الذي وصف انسحاب عناصر التنظيمات المسلحة ب''التكتيكي''، وتوعد برد قاس ضد القوات الفرنسية. وبين هذا وذاك، أبدى خبراء عسكريون تخوفهم من أن ينجح تراجع الإرهابيين في التحصن جيدا في جبال شمال مالي المحاذية للحدود مع الجزائر، ما يعني أن الخطر سيبقى قائما، ومن الصعب القضاء عليهم في تلك المعاقل الوعرة، خصوصا أن تلك العناصر الإرهابية مدربة جيدا على ''الكر والفر''. وما يزيد من التخوفات أن عمليات القصف الجوي للطائرات الفرنسية لم يقدم خلالها أي حصيلة عن الخسائر التي لحقت بالتنظيمات المسلحة، إذ باستثناء عملية تحرير مدينة ''كونا'' وسط البلاد التي أعلن فيها الجيش المالي مقتل 11 من جنوده مقابل 100 عنصر في صفوف المهاجمين، فإن الحرب التي دخلت أسبوعها الثالث تبقى دون قتلى ولا جرحى، وهو ما يطرح علامات استفهام كثيرة حول مجرياتها. فالأرقام اقتصرت على المتضررين منها، بحيث سجلت منظمات حقوق الإنسان، على غرار الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، إعدامات في حق مواطنين دون محاكمات قام بها أفراد الجيش المالي في موبتي، ما دفع بالمنظمات غير الحكومية إلى إطلاق صفارات الإنذار من التجاوزات ضد المدنيين.