لم يكن الضحية الخمسيني ''ب.م''، الذي قضى حياته في الاسترزاق من المتاجرة بالعملة الصعبة وبعض الأنشطة التجارية، ليعرف أنّه سيُقتل بوحشية، وفي مكان يُستغرب اقتراف الجرم داخله، للقداسة التي يتمتع بها المكان (أي الزاوية)، غير أنّ الجرم الذي غلب الجناة قلب كلّ التوقّعات، بتحويل المكان إلى مسرح لجريمة قتل بشعة، فُكّت خيوطها بعد أكثر من شهرين من اقترافها. تشبه وقائع هذه الجريمة البشعة، التي اقترفت في حق تاجر عملة صعبة معروف في أوساط سكان وتجار نهج عنونة بمدينة فالمة، ما يحدث في الأفلام البوليسية؛ حيث تؤكد المعلومات المستقاة من المصلحة الولائية للشرطة القضائية بفالمة أنّ المشتبه فيهم الثلاثة، المتراوحة أعمارهم بين 30 و51 سنة، استدرجوا الضحية من مدينة فالمة إلى بلدية بوحمدان غربي الولاية، على متن مركبة أحدهم. وبعد تخيّر المسالك الريفية الجبلية الآمنة للإجرام، حجزوا الضحية داخل بناية محاطة بأسوار تُعرف بزاوية الشيخ لحسن، تابعة للمشتبه فيه الرّئيسي، بحسب بعض أهالي المنطقة، الذين أكدوا بأنّه لم يمارَس فيها ولا نشاط ديني على غرار سائر الزوايا، منذ إنشائها. الزاوية المزعومة، التي يفضّل سكان بوحمدان تسميتها ''الفيرمة''، تحوّلت، منذ تدفق الفرق الأمنية الجنائية عليها قبل ثلاثة أيام بعد فكّ خيوط جريمة القتل، إلى شبح مرعب في وجه عابري الطريق المحاذي لها. داخل الزاوية الواقعة بمكان شبه المعزول، والمحاطة بسور وأشجار ''الكاليتوس''، قام المشتبه فيهم بحجز الضحية، قبل طلب مبلغ مالي وصفته مصالح الأمن ب''الكبير''، نظير إطلاق سراح الضحية، قبل أن يعتدوا عليه بالضرب المبرح بأداة صلبة على مستوى الرأس وأنحاء عديدة من الجسم. ولما خرّت قواه وفقد وعيه، قاموا في غمرة التلبّس بالجرم بخنقه، ثم أحرقوا ثيابه لطمس آثار الجريمة ونظّفوا المكان من الدماء، قبل أن يشقوا به مسالك ريفية جبلية تحت جنح الظلام لمسافة تقارب ال20 كلم، وبوصولهم إلى''دوار السبتي''، بقرية بن طابوش من بلدية مجاز عمار، رموا جثّته على جانب الطريق وفرّوا. وقد مكّن تكثيف الفرقة الجنائية للشرطة القضائية لأمن ولاية فالمة لتحرياتها، منذ تبليغ ابن الضحية عن اختفاء والده، واكتشاف جثته من قِبل مواطنين بالدوار سالف الذكر، من الاهتداء إلى المشتبه فيهم وفكّ لغز الجريمة البشعة، حيث تمّ توقيف الجناة وإحالتهم على الجهات القضائية، على خلفية تهم ثقيلة تتعلّق بالقتل العمدي مع سبق الإصرار والترصّد، وتكوين جماعة أشرار، وعدم التبليغ عن جناية وطمس آثار الجريمة، حيث أودعوا الحبس.