الوالي المنتدب لسيدي امحمد: ''لم أكن على علم بقرار التوقيف'' مازالت السينما الجزائرية تنتظر النصوص التطبيقية للقانون المصادق عليها سنة 2011، حتى تجد الحماية اتجاه الأحكام القيمية التي يحملها ويسيّر بها كل مسؤول هذا الميدان. وفي انتظار هذه النصوص، تتلقى وزارة الثقافة أخبار وشكاوى أسرة السينما، دون أن تستطيع التدخل، مثلما تظهره وضعية سينما ''سيرا مايسترا'' بالعاصمة هذه الأيام. تعتبر ''سيرا مايسترا'' القاعة الوحيدة المفتوحة أبوابها، من ضمن خمس قاعات سينما متواجدة على مستوى بلدية سيدي امحمد بالعاصمة. تلقى مسؤولوها، يوم 3 فيفري الجاري، مراسلة من رئيس البلدية المنتخب حديثا، نصر الدين زناسني، تأمرهم ب''توقيف عرض الأفلام إلى وقت لاحق، والإبقاء على العروض المسرحية والملتقيات الفكرية والأمسيات الثقافية''. ويعود سبب هذا القرار إلى ''الزيارات الميدانية'' التي قام بها رئيس البلدية، كما جاء في المراسلة التي تلقت ''الخبر'' نسخة منها ''رفقة الوالي المنتدب للدائرة الإدارية سيدي امحمد، حيث وقفنا على التصرّفات التي لا صلة لها بالثقافة، لاسيما فيما يخص العروض المتعلقة بالأفلام''. اتصلنا برئيس بلدية سيدي امحمد، السيد نصر الدين زناسني، لمعرفة ما هي التصرّفات التي لا صلة لها بالثقافة التي وقف عليها في قاعة ''سيرا مايسترا''، فكان جوابه في البداية أنه ''قرّر توقيف عرض الأفلام في هذه القاعة حتى تنظم الأمور''، حيث وقف، حسبه، على عرض أفلام فيديو، بينما التوجيهات الجديدة تشترط على مسيّري القاعات عرض أفلام الأشرطة السينمائية. وينص القانون المتعلق بالسينما في مادته ال22 على أن ''استغلال قاعات العروض السينمائية يخضع لدفتر شروط، تحدّده الوزارة المكلفة بالثقافة... وتحدّد كيفية تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم''. وحسب المكلف بالإعلام في وزارة الثقافة، السيد محمد زتيلي، فإن الوزارة أودعت لدى الأمانة العامة مشروعا في هذا الإطار وينتظر المصادقة، مضيفا ''هذا المشروع سيضع حدّا للوضعية الحالية''، أما حاليا ''فهناك فراغ قانوني، يجعل وزارة الثقافة عاجزة عن التدخل لحلّ أي نزاع بين مختلف الأطراف المتدخلة في الصناعة السينمائية وتوزيعها''. أما الوالي المنتدب لسيدي امحمد، فينفي ''قطعيا''، على حدّ تعبيره، أن يكون على علم بتوقيف عرض الأفلام في القاعة المعنية، مشيرا إلى أن كلما تم تسجيله على مسيّريها حين زارها، هو ضرورة تجنب عرض أفلام الفيديو. لكن إدارة ''فنون سيدي امحمد'' المسيّرة للقاعة، ردّت على قرار رئيس البلدية في اليوم الموالي لمراسلة هذه الأخيرة، مشيرة إلى أن عرض الأفلام في القاعة يجري وفق عقود مبرمة مع موزعين يحوزون على اعتمادات وتأشيرات وزارة الثقافة. وسألنا رئيس البلدية حول هؤلاء الموزعين، فتجنب الخوض كثيرا في موضوع الاعتماد الذي تمنحه وزارة الثقافة، وانتقل إلى جانب آخر من التصرّفات التي يعيبها على مسيّري قاعة ''سيرا مايسترا''، وقال: ''لا يهم إن كانت الأفلام لها تأشيرة من الوزارة أم لا، المهم أنني زرت القاعة لمدّة عشر دقائق دون حضور الوالي في الحقيقة، ولاحظت تصرّفات أستحي ذكرها''. وما نوع هذه التصرّفات؟ يجيب رئيس البلدية الذي يقدم نفسه كهاو للأفلام، وشقيق الممثل الراحل كريم زناسني ''أنا لا أريد أن تكون قاعة سيرا مايسترا وكرا للدعارة''. وأثارت هذه التهمة حفيظة مديرة القاعة، السيدة كريمة شيباح، التي دعت رئيس البلدية إلى تولي تسيير القاعة بنفسه، نافية وجود أي سلوك مخلّ بالحياء من قبل روّاد القاعة، قائلة: ''لا يحق لي أن أمنع أيا كان من دخول السينما، لكن مقر الشرطة موجود على بعد أمتار من القاعة. وكلما سجلنا تصرّفا ما يزعج الحضور، نتصل بهم، والحمد لله هذه الظاهرة لم تعد مطروحة عندنا تماما، لأننا أصبحنا نعرف روّاد السينما المقبلين على القاعة وهم يعرفوننا''. وأرجعت المديرة الصعوبات التي تواجهها مع رئيس البلدية الحالي، إلى ما قبل الانتخابات المحلية الأخيرة، قائلة: ''منذ مدّة يأتي أشخاص منتمون لحمس ولا علاقة لهم بالبلدية، إلى القاعة ويهدّدوننا. وأثناء الحملة الانتخابية، استقبلنا كل الأحزاب والمترشحين، باستثناء رئيس البلدية الحالي الذي نشط حملته في المسجد''. وعن الزيارة التي قادت رئيس البلدية والوالي المنتدب إلى القاعة، تقول المديرة: ''حضرا أثناء عرض فيلم ''باتمان''، وطالبا بإشعال الأضواء على الفور، وقمنا بذلك، ولم يسجلا علينا أي ملاحظة. لكن بعد أسبوعين، تلقينا مراسلة تأمرنا بتوقيف عرض الأفلام''. وأوضح رئيس البلدية أن ''توقيف العروض مؤقت، وستحلّ القضية قريبا، بمجرد ترسيم مدير على رأس مؤسسة ''فنون سيدي امحمد''، باعتبارها تسيّر حاليا من طرف مدير بالنيابة، المتمثل في شخص سايسي عبدو''. مشكلتكم إذن مع المدير الحالي للمؤسسة المسيّرة؟ يرد رئيس البلدية: ''لا، ليست لي مشكلة مع المدير الحالي، فقط نريد فنا حقيقيا، وليس عفنا''. يذكر أنه أعيد فتح أبواب ''سيرا مايسترا'' سنة 2010 وعرضت ما لا يقل عن 36 فيلما جزائريا وأجنبيا، ومن الأفلام الموجودة في القائمة التي تحصلت ''الخبر'' على نسخة منها، ''حرافة'' و''باب الواد سيتي'' لمرزاق علواش، و''الساموراي الأخير'' و''هاري بوتر'' و''روميو يجب أن يموت''... وهي أفلام من توزيع مؤسسات ''سيرتا فيلم'' لمسيّرها هاشمي زرطال، و''باية فيلم'' لمرزاق علواش، و''طاسيلي'' فيلم لعبد الكريم بوشارب، و''جمعية أضواء'' لعمار لعسكري. وتعاني مؤسسة ''فنون سيدي امحمد''، حسب رد مديرها بالنيابة على مراسلة رئيس البلدية، من عجز على الوفاء بعقودها مع هؤلاء الموزعين، وكذا في دفع أجور عمالها الذين قد تضطر المؤسسة لتسريحهم وفسخ عقودهم. لكن رئيس البلدية يقول: ''سنتكفل بهذا المشكل قريبا''، لكنه مصرّ أن ذلك لن يكون على حساب ''الفن الحقيقي'' على حدّ تعبيره. أما الوالي المنتدب، فكشف ل''الخبر'' أنه طلب من الديوان الوطني للثقافة والإعلام التعاقد مع مؤسسة ''فنون سيدي امحمد'' لتنشيط القاعة، والسماح لها باقتناء أفلام سينمائية.