باشر عميد قضاة التحقيق بمحكمة عنابة، أمس، استجواب 29 شخصا بين متهم وشاهد في فضيحة سوء التسيير وتبديد أموال مجمع ''فرفوس'' للعملاق العالمي لإنتاج الفوسفات، في ما يعرف بقضية إبرام صفقات بيع الفوسفات مخالفة للأسعار المعتمدة في البورصة الدولية، إضافة إلى منح امتيازات غير مبررة لفائدة شركات أجنبية ومجهزي سفن، كلفت حزينة الدولة خسائر فاقت قيمتها عشرات الملايير. وكانت النيابة العامة للقطب الجزائي الجهوي المتخصص بقسنطينة، قد تخلت عن تمديد الاختصاص للتحقيق في الملف، ومنح الفرصة للجهات القضائية المختصة على مستوي محكمة عنابة للفصل في قضية فساد ضخمة، متورط فيها 08 إطارات سامين كانوا يشتغلون بمجمع ''فرفوس'' لإنتاج الفوسفات ومدير وكالة البنك الوطني الجزائري بولاية تبسة. وخضع في بداية التحقيق القضائي، أمس، كل من بلحاجي فريد، الرئيس المدير العام السابق لمجمع فرفوس، رئيسي مجلس إدارة شركتي ''سوميفوس'' و''سوطرامين'' وكذا مديرين عامين ورؤساء مصالح التجارة والمالية والمحاسبة، حيث تم استجوابهم بشأن التهم الموجهة إليهم، والمتعلقة أساسا بتبديد المال العام وإساءة استعمال أموال الشركة، ومخالفة قانون الصرف وإبرام عقود مضرة بأموال الشركة. وكانت مصالح الفرقة الاقتصادية لأمن عنابة، قد حصلت منذ 08 أشهر، على تفويض من جهاز العدالة، بناء على مراسلة من الوزير الأول السابق أحمد أويحيى، يأمر فيها بتحقيق فوري في برامج التصدير ومخططات شحن البواخر الأجنبية بمادة الفوسفات، ما مكن حينها، مصالح الشرطة، عند استجوب الإطارات المتورطين، وجود تجاوزات خطيرة في التسيير ومحاولة بعض المتهمين مغالطة الوزارة الوصية والجهات الأمنية والقضائية، بتعمدهم إخفاء فضيحة رفض حوالي 20 مجهز سفن أجنبية، من بينهم مجهز سفن إيطالي، التنازل على مستحقاته المتعلقة بتأخر الطرف الجزائري في شحن البواخر الأجنبية، التي بقيت شهر سبتمبر 2012، عالقة في عرض البحر وعلى مستوى أرصفة الرسو لمدة تراوحت بين و15 و20 يوما، مما تسبب في تأخر تموين الزبائن الأجانب بمادة الفوسفات وفق طلبيات مبرمجة مسبقا من طرف زبائن متواجدين في الهند وأوكرانيا ودول أوروبية وأسيوية. ودقّق ضباط الشرطة القضائية، في مضمون الرسالة الالكترونية التي بعث بها مجهز السفن الايطالية، كرد على الرسالة الموجهة إليه من طرف مسؤولي المجمع للتنازل على مستحقاته، والمقدرة بحوالي مليوني دولار كتعويض عن تأخر شحن الباخرة بقيت تنتظر لمدة أسبوعين على مستوى الميناء من أجل نقل ما يقارب 86 ألف طن من مادة الفوسفات، كما تم استجوابهم، حول سبب محاولة دفع الطرف الايطالي بالكف والتخلي عن المطالبة بالحصول على التعويض، وهو الإجراء الذي كان يحاول من خلاله مسؤولو المجمع، تضليل رئاسة الحكومة بعدم وجود ضرر مادي. ويعتبر ملف تسيير فرع شركة ''سوميفوس'' من أثقل الملفات التي ستخضع إلى التدقيق، خاصة البرنامج السنوي لعمليات التصدير بميناء عنابة، حيث لوحظ تواطؤ بعض الإطارات في برمجة قدوم دوري لأكثر من 15 باخرة، رغم علمهم بنفاذ مخزون الفوسفات بالمستودعات، التي لا تتجاوز طاقتها 120 ألف طن، وهي الطريقة التي استطاع من خلالها مجهزو السفن الحصول على مبالغ ضخمة بالعملة الصعبة كتعويض عن تأخر المجمع الالتزام في تلبية طلبات الزبائن الأجانب وأضافت المصادر ذاتها، أنه تم الاستماع إلى مسؤولي فرع ''سيمفوس'' المختصة في إنتاج الفوسفات، وفرع سطرامين ''للنقل''، حول الأسباب التي دفعت الإدارة إلى التخلي عن وسائل ومعدات المؤسسة المخصصة لنقل المادة الخام نحو الميناء، والاعتماد على شركات خاصة للتكفل بذلك، إضافة إلى الإهمال المفضوح لحوالي 40 شاحنة مقطورة تم التخلي عنها كخردة داخل مؤسسة ''فيريفيال''، وتعرضها إلى النهب المستمر للمحركات. وأشارت مصادرنا أن التحقيق من شأنه الكشف عن الأشخاص الذين تواطؤا خلال الفترة الممتدة بين 27 أفريل و30 ماي ,2012 في تحريض عمال المجمع بالدخول في إضراب دام قرابة 33 يوما، خصوصا وأنه كبّد الخزينة حوالي 27 مليون دولار، جراء تعمد مسؤولي المجمع التماطل في اتخاذ القرارات لوقف إضراب عادي لعمال يطالبون بتحسين ظروف عملهم.