أعجبني ما قاله الرئيس التونسي المرزوقي بخصوص حال الصحافة والإعلام في بلده حيث قال: إن الإعلام التونسي في بعض جوانبه يعاني من هيمنة السياسة عليه، ويعاني من قلة المهنية.. كما يعاني من سطوة المال الفاسد''! أحسست أن المرزوقي يتحدث عن إعلام الجزائر من خلال إعلام بلده! فالصحافة والإعلام في الجزائر هي أيضا منذ 20 سنة ساحة للصراع السياسي أكثر مما هي ساحة إعلامية لإعلام مهني.. والسلطة في الجزائر هي التي تريد للإعلام الجزائري أن يبقى ساحة للصراع السياسي عوض أن يتحول إلى ساحة مهنية للإعلام الحقيقي.. لأن ذلك من شأنه أن يحول الإعلام إلى سلطة رابعة في البلاد على الأقل.. بعد أن أصبح الإعلام في البلدان الأخرى سلطة السلط. لكن ليس السياسة وحدها هي التي أضرت بالإعلام الجزائري، بل الفساد الذي ينخر هذا القطاع بصورة ألعن من القطاعات الأخرى هو الذي أعاق ويعيق تطور هذا القطاع في السياق الذي يمكّنه من أخذ مكانه في الحياة العامة للبلاد كإعلام له رسالة رقابية إلى جانب رسالته الإعلامية.! صحيح أنه لا يمكن أن تنجز إعلاما حرا في مجتمع غير حر.. تماما مثلما لا يمكن أن تعصم الإعلام من الفساد في مجتمع ينخر الفساد كل أركانه.. لكن غير الصحيح هو أن يصبح الفساد في قطاع حساس مثل قطاع الإعلام هو حجر الزاوية في التسيير العام للقطاع فذاك هو المشكل. لقد سمعت وزير الإعلام يتحدث عن إنجاز كبير يمكن أن يحققه في العام القادم لصالح الإعلام وهو أن يجد بشجاعة وقوة ومسؤولية اليوم الوطني للصحافة والإعلام؟! لأن السلطة حسب الوزير ما تزال تائهة في تحديد اليوم الذي سيتخذ كيوم وطني للإعلام هل هو وفاة 15 صحفيا في فيتنام سنة 1974 أثناء زيارة الرئيس بومدين في حادث طائرة، أم تاريخ تأسيس جريدة ''الشعب''.! وأنا شخصيا أقترح تاريخا آخر للإحتفال به كيوم وطني للإعلام.! وهو تاريخ تعيين هذا الوزير الحالي على رأس وزارة الإعلام؟! مادامت عبقريته قد اكتشفت مثل هذه الإنجازات الخالدة للصحافة والإعلام وهو اليوم الوطني الذي يتطلب حسبه سنة من الإعداد لإقراره..! وإذا كان إقرار اليوم الوطني للإعلام يتطلب تحضير سنة كاملة، فإن حل مسألة الفساد والرداءة وسوء تسيير القطاع يتطلب قرنا من الزمن.! إنني تعبان والمعري على حق حين قال: ضجعة الموت رقدة يستريح الجسم فيها والعيش مثل السهادي. [email protected]