يشهد اليمن أوضاعا مضطربة تميزت بتصعيد في اعمال العنف بالعديد من مدن ومحافظات الجنوب وتنظيم المظاهرات من طرف ما يعرف ب"الحراك الجنوبي" المطالب بالانفصال عن الشمال والرافض للمشاركة في الحوار الوطني المرتقب عقده يوم الاثنين المقبل بالعاصمة صنعاء. ودعت اللجنة التنظيمية لما يعرف باسم "الثورة الشبابية الشعبية السلمية" باليمن جماهير الشعب اليمني إلى المشاركة الواسعة والاحتشاد غدا الجمعة في ميادين وساحات العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات لإحياء فعاليات مليونية جمعة (شهداء الكرامة... إنا على دربكم سائرون). وأوضحت اللجنة في بيان اليوم أن الدعوة لهذه المليونية تأتي بهدف تأييد مبادئ الثورة السلمية وللتأكيد على استمرارها والمطالبة بمحاكمة قتلة "الثوار" وكذا للتعبير عن التطلع للسير قدما في تنفيذ المبادرة الخليجية وأليتها المزمنة فضلا عن المطالبة بإعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية على أسس فنية وعسكرية وعلمية. وعلى صعيد متصل تظاهر الآلاف من عناصر مايسمى ب"الحراك الجنوبي" في عدة محافظات جنوب اليمن اليوم مجددين رفضهم للمشاركة في الحوار الوطني المقرر عقده يوم الاثنين المقبل في صنعاء. وانطلقت المظاهرات في شوارع وساحات محافظات أبين وشبوة والضالع جنوب البلاد اذ حمل المشاركون أعلام "دولة الجنوب" التي كانت مستقلة إلى ما قبل قيام الوحدة اليمنية في ماي عام 1990 وصور الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض وفقا لمصادر محلية. وطالب المتظاهرون في هتافات ولافتات الأممالمتحدة ودول العالم ومنظمات حقوق الإنسان ب"مراقبة الأوضاع عن كثب في كل مدن الجنوب وتحمل المسؤولية الأخلاقية في حماية شعب الجنوب الأعزل". كما طالبوا ب"الانطلاق " إلى مدينة عدن يوم الاثنين المقبل موعد انطلاق مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء للمشاركة في مهرجان "القرار قرارنا". ووزع خلال المظاهرات بيان سياسي صادر عن "الحراك الجنوبي" أشار إلى أن "شعب الجنوب ماض في النضال السلمي حتى تحقيق هدفه الاستراتيجي والمتمثل في التحرير والاستقلال واستعادة الدولة الكاملة على كامل ترابها الوطني". واوضح البيان "نؤكد للأمم المتحدة ومبعوثها الدولي أن تصعيدنا لنضالنا السلمي بمختلف الوسائل لا يهدف إلى إفشال هذا الحوار وإنما لتأكيد بأن هذا لحوار لا يعني شعب الجنوب الماضي في نضاله السلمي حتى تحقيق هدفه". وتشهد مدن جنوب اليمن مظاهرات تطالب بانفصال الجنوب عن شماله وعودة "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" التي كانت مستقلة حتى توحيد شطري البلاد في 22 ماي 1990. وعلى الصعيد الامني دائما قتل شخصان في مواجهات متجددة بين الشرطة وناشطي مايعرف ب "الحراك الجنوبي" امس في حي "المنصورة "في" عدن "كبرى مدن جنوب اليمن وفقا لما أفاد به مصدر طبي وناشطون. وقالت مصادر محلية أن "قوات من الأمن اليمني اقتحمت امس شوارع وإحياء مديريات عدن وأطلقت وابلا من الرصاص الحي من مختلف أسلحتها الخفيفة والمتوسطة" و أن "مداهمات واعتقالات جرت لعناصر الحراك في مديريات المعلا والشيخ عثمان". ما شهدت مدن الجنوب امس عصيانا مدنيا شاملا تنفيذا لبرنامج تصعيدي للحراك قبيل ايام من عقد مؤتمر الحوار. وتوقفت حركة النقل في معظم تلك المدن وأغلقت المحلات التجارية والمرافق الحكومية والخاصة وأمتنع الموظفون عن الذهاب إلى أعمالهم بسبب المواجهات بين الجيش وأنصار "الحراك" الذي دعا للعصيان المدني الذي يجري تنفيذه يومي السبت والأربعاء من كل أسبوع. في نفس السياق فقد صعد مسلحون خلال الايام الماضية من استهدافهم انابيب النفط وخطوط الكهرباء للمطالبة بحقوقهم لدى الدولة فيما رفضت الحكومة تلك الاعمال التخريبية والتبريرات والتحجج بالمطالب لاستهداف المشاريع الوطنية حيث تخسر البلاد حوالي 15 مليون دولار يوميا نتيجة توقف انتاج النفط.وفجر مسلحون قبليون الليلة الماضية انبوب النفط الرئيسي اليمني في محافظة" مأرب" التي تبعد ب170 كلم شرق صنعاء. وقال مصدر محلي مسؤول اليوم ان مسلحين قبليين فجروا الليلة الماضية انبوب النفط الرئيسي في منطقة "حباب" ب"مأرب". و كان التيار الكهربائي انقطع منذ الأحد عن العاصمة اليمنية صنعاء وعدد من المدن اليمنية الأخرى شرق البلاد إثر اعتداء نفذه مسلحون على محطة كهربائية في محافظة مأرب شرق اليمن. واكد نفس المصدر ان المسلحين لديهم مطالب لدى الحكومة اليمنية وان " عملية ضخ النفط من حقول مأرب النفطية إلى ميناء التصدير "براس عيسى"غرب البلاد متوقفة منذ أيام" اذ تعد عملية تفجير الانبوب الخامسة من نوعها منذ مطلع مارس الجاري. وكانت الحكومة اليمنية توعدت امس الأربعاء المعتدين على خطوط الكهرباء وانابيب النفط ب"عقوبات رادعة" بعد انقطاع كامل لخدمة الكهرباء عن معظم المدن اليمنية منذ الأحد الماضي واصفة تلك الإعتداءات بأنها "جرائم جنائية". وتأتي هذه المظاهرات والتصعيد في اعمال العنف باليمن أياما قبل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني المقرر في 18 مارس الجاري بالعاصمة اليمنية صنعاء والذي جاء في اطار ما يعرف بالمبادرة الخليجية وآليات تنفيذها. وكان وزير الخارجية اليمني أبو بكر عبد الله القربي أكد أن انطلاق مؤتمر الحوار سيكون "يوما فارقا" في حياة كل اليمنيين. وابرز أن الحوار الوطني سيهيئ لصياغة عقد اجتماعي جديد لليمنيين من خلال أجندة طموحة تعالج جميع القضايا المهمة وفي مقدمتها صياغة دستور جديد يحدد نظام الدولة وأسس العلاقات في المجتمع ودور الحكومة في خدمة المواطنين. واعتبر وزير الخارجية عقد مؤتمر الحوار الوطني "ترجمة جادة لمتطلبات مبادرة الخليج وآلية تنفيذها والتي جعلت اليمن تقدم نموذجا حضاريا راقيا في التغيير السلمي الديمقراطي للسلطة". سعى القيادة اليمنية من تنظيم الحوار الوطني الى مناقشة كافة القضايا العالقة وفي مقدمتها صياغة دستور جديد للبلاد وقضية "الحراك الجنوبي" واسباب التوتر في منطقة صعدة والتي شهدت اشتباكات بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين في عهد نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح.