إحتشد الآلاف من المتظاهرين اليوم الثلاثاء بوسط العاصمة اليمنية صنعاء تلبية لدعوة وجهها تحالف أحزاب اللقاء المشترك (المعارضة الرئيسية باليمن) إلى مناصريه للخروج في ما أسموه "يوم الغضب" للمطالبة برحيل الرئيس علي عبد الله صالح و الاحتجاج على سقوط قتلى وجرحى في المظاهرات التي شهدتها محافظة (عدن) خلال الأيام القليلة الماضية. وتدفق على العاصمة اليمنية منذ ليل أمس الإثنين الآلاف من الاشخاص من المناطق المحيطة بالعاصمة وبعض المحافظات الأخرى لمناصرة "اللقاء المشترك" في مظاهرة اليوم ب"ساحة التغيير" بجامعة صنعاء بوسط العاصمة حسب ما ذكرت تقارير إخبارية. للإشارة، فإن المحتجون في معظم المحافظات اليمنية قد قرروا منذ حوالي 17 يوما الاعتصام الدائم في الساحات العامة أشهرها "ساحة الحرية" في جوار جامعة صنعاء و"ساحة التغيير" في مدينة تعز جنوب اليمن للمطالبة برحيل الرئيس صالح الذي يحكم اليمن منذ منتصف جويلية 1978 . وقد عززت أجهزة الأمن اليمنية تواجدها في صنعاء ومدينة عدن كبرى مدن الجنوب واستنفرت قواتها في الساحات العامة والميادين تحسبا لإندلاع أعمال عنف خلال المظاهرة. وذكرت بيانات المعارضة أن الأمن منع دخول أعداد أخرى من مناصريها من باقي المحافظات. وفي المقابل، حشد "المؤتمر الشعبي العام" الحاكم عشرات الآلاف من مناصريه في "ميدان التحرير" بوسط صنعاء لتنظيم مظاهرة مضادة تنطلق من الميدان صوب القصر الرئاسي. وأقام الحزب الحاكم مهرجانا حاشدا ب"ميدان التحرير" دعا فيه المعارضة إلى "الحوار والابتعاد عن الفوضى والتخريب". كما دعا نشطاء الحزب الحاكم المعارضة إلى "تحكيم العقل وعدم الانجرار باليمن الى منزلق التقسيم". ومع تزايد اتهامات أوساط المعارضة اليمنية للسلطة والأمن اليمني بأنه يطلق الرصاص الحي على المتظاهرين و"يمارس كل وسائل العنف معهم" أعطى الرئيس اليمني توجيهات لرئيس مجلس الوزراء اليمني علي محمد مجور بتشكيل لجنة من المسؤولين ورجال القانون للتحقيق في أحداث العنف التي شهدتها محافظة "عدن" جنوب البلاد والتي تسببت في سقوط قتلي وجرحي بين المتظاهرين وتدمير بعض الممتلكات العامة والخاصة. وتنفي السلطات الرسمية في اليمن صحة اتهامات المعارضة وقالت أن من وصفتهم بعناصر "تخريبية انفصالية" تنتمي إلي ما يسمى ب"الحراك الجنوبي" وإلى المعارضة هي التي تقف وراء إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين. وغداة دعوة المعارضة اليمنية كافة اتباعها الى الخروج في ما أسموه ب"يوم الغضب" عرض الرئيس اليمني أمس على قوى المعارضة تشكيل حكومة وحدة وطنية والبدء في تسمية أعضائها خلال ساعات غير أن المعارضة اشترطت "تنازل" الرئيس عن قيادة الجيش وإدارة المال العام للمشاركة في حكومة "وحدة وطنية" بناء على مبادرة تقدم بها رجال دين يمنيون من أجل "إزالة الاحتقان السياسي". وفي هذا السياق، قال الرئيس الدوري للمجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك (المعارضة) محمد المتوكل إن المعارضة "مستعدة" للمشاركة في حكومة ائتلافية مع الحزب الحاكم "بعد أن يتم تأمين التداول السلمي للسلطة وذلك من خلال تنازل الرئيس علي عبدالله صالح عن قيادة الجيش وإدارة المال العام". وبدورها ومن أجل حل الأزمة التي تعيشها اليمن كشف عبد المجيد الزنداني رئيس جمعية علماء اليمن (رئيس مجلس شوري التجمع اليمني للإصلاح أكبر أحزاب المعارضة عضو تحالف اللقاء المشترك) عن وساطة للعلماء تتضمن مبادرة تم تسليمها الى حزب "المؤتمر الشعبي العام" الحاكم وأحزاب "اللقاء المشترك" المعارضة. وأشار الزنداني الى أن " اللقاء المشترك" طلب مهلة لدراسة هذه المبادرة بينما وافق عليها الرئيس صالح وطلب إضافة نقطة إليها تشمل إيقاف المظاهرات والإعتصامات وبما يكفل إزالة أعمال الفوضى والتخريب والاحتقان في الشارع ومن كل الأطراف. غير أن العلماء أخبروا الرئيس صالح أن "ذلك ليس بأيدهم فالدستور والقانون قد كفل للمواطن اليمني حق التعبير عن رأيه بطريقة سلمية". وأوضح الزنداني "أن المبادرة التي تقدم بها علماء اليمن لحل الأزمة الحالية بالبلاد تشمل سبع نقاط وهي "سحب قانون الانتخابات والاستفتاء وإعادته لمجلس النواب لإقراره بالتوافق، وسحب مشروع التعديلات الدستورية المنظورة حاليا أمام مجلس النواب وتشكيل حكومة وحدة وطنية لإجراء التعديلات الدستورية بالتوافق وتشكيل حكومة وحدة وطنية بالتوافق". وتضمنت النقطة الرابعة "إحالة الفاسدين إلى القضاء وسرعة البت في قضايا الفساد المنظورة أمام القضاء أما الخامسة تقضي باطلاق أي سجين ممن لم يثبت إدانته أو لم يكن له قضايا منظورة أمام القضاء". فيما نصت النقطة السادسة على "أن يتم اختيار خمسة قضاة يقوم كل طرف (الحزب الحاكم وتحالف اللقاء المشترك المعارض) باختيار اثنين منهم والخامس يتم اختياره من لجنة العلماء المرجعية أو بالتوافق بين القضاة الأربعة وذلك للفصل في النزاع القائم بين أطراف العمل السياسي أما النقطة الأخيرة تقضي بوقف الحملات الإعلامية والمهاترات والتحريض وذلك بما يهيئ الأجواء لإنجاح الحوار الوطني". تجدر الإشارة إلى أن اليمن يشهد احتقانات سياسية منذ منتصف جوان 2004 في شكل حروب متعددة مع جماعة الحوثي المتمردة في الشمال وزيادة حدة مطالب الجنوبيين بالانفصال عن الدولة المركزية بصنعاء وزيادة حدة هجمات تنظيم القاعدة في عموم الأراضي اليمنية.