كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحسن النّاس سمتًا وعِشرة، وأكملهم أدبًا وخُلُقًا، وقد وصفه الله سبحانه بذلك فقال: ''وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ'' القلم4، فما من خصلة من خصال الخير إلاّ ولرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أوفر الحظّ والنّصيب من التّخلُّق بها، شهد له بذلك القاصي والداني والعدو والصّديق، ومن ثمّ كانت مكارم الأخلاق سمَة بارزة في قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وفعله وسيرته. وقد سُئِلَت أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن أخلاق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت: ''كان خُلُقه القرآن'' رواه أحمد، وتريد بذلك أنّه صلّى الله عليه وسلّم كان في مسلكه الخُلُقي محقّقًا لأدب القرآن في كلّ ما أحبّه الله من الصّفات الطيّبة والأخلاق العظيمة. ومِن ذلك أنّ الله تعالى أمر بالوفاء بالعهد فكان صلّى الله عليه وسلّم أوفى النّاس بعهده، وأمر بالتّواضع فكان أكرم الخَلق تواضعًا، وأمر بالعبادة فكان أكثر العباد إقبالاً على العبادة، وحثّ على الشّجاعة فكان أشجع البشر، وحبَّب للمؤمنين الصّفح والعفو فكان صلّى الله عليه وسلّم أعفى الخَلق وأصفحهم، وحضّ على الرّحمة والبرّ فلا يُعرف من يدانيه رحمة وبرًّا. وهكذا كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يترجم بفعله أكرم الأخلاق الّتي رغَّب الله فيها عباده الصّالحين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''إنّما بُعِثْتُ لأتَمِّم مكارم الأخلاق'' رواه أحمد.