أعلن اللورد تيم بيل، المتحدث باسم عائلة تاتشر، أمس، عن وفاة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، مارغريت تاتشر، عن عمر يناهز 87 سنة، على إثر إصابتها بجلطة في المخ، فيما توالت ردود الفعل الرسمية المشيدة بخصال من اتفق البريطانيون على تسميتها ''المرأة الحديدية''. اعتبر القصر الملكي في بيان صادر باسم الملكة أن ''القصر حزين على فقدان واحدة من الشخصيات البريطانية الأكثر تأثيرا في تاريخ بريطانيا الحديث''، فيما وصف دافيد كاميرون تاتشر ''بالزعيمة العظيمة'' التي فقدتها بريطانيا، وتنقل مواطنون بريطانيون إلى مقر سكن عائلة تاتشر للتعبير عن حزنهم لرحيل من كانت أول سيدة تصل إلى إقامة ''10داون ستريت'' مقر سكن رئيس الوزراء البريطاني، والحال أن مارغريت تاتشر أقامت أطول فترة في هذه الإقامة بحكم فوز حزب المحافظين ثلاث مرات متتالية في الانتخابات التي سمحت لها بتشكيل حكومات متعاقبة ما بين سنوات 1979 إلى سنة 1990، على الرغم من الانتقادات الكبيرة التي تعرضت لها سياستها، خاصة في المجال الاقتصادي. الجدير بالذكر أن فترة الثمانينات شهدت بداية تحول اقتصادي كبير في بريطانيا، حيث اضطرت الحكومة برئاسة تاتشر إلى خوصصة عدد مهم من المؤسسات الاقتصادية البريطانية العمومية مع ما يترافق مع هذه الإجراءات من طرد عمال وتقشف مالي، الأمر الذي كان وراء تزايد رقعة الساخطين على سياستها، فقد بلغ الأمر خروج مظاهرات واسعة تطالب بإقالتها، غير أنها ظلت حازمة في موقفها واستمرت في الإصلاحات الاقتصادية التي اعتبرت أنها أساس الحفاظ على بريطانيا كقوة اقتصادية. ويؤكد العارفون بالمرأة الحديدية أنها اكتسبت الصرامة والحزم عبر تمرّسها في المجال السياسي ومناصب الحكم منذ بداياتها الأولى في السياسة، ما سمح لها بتسيير الحكومة البريطانية والمساهمة في السياسة الدولية، إذ خاضت حربا لاسترجاع جزر فوكلاند وبسط سيطرة العرش الملكي عليها من جديد، كما كان لها الدور الحاسم في تشكيل قوة دولية لتحرير الكويت. وتذكر الصحافة البريطانية أنها اضطرت إلى استعمال أموالها الخاصة لتكليف فريق بحث عن ابنها إثر ضياعه في الصحراء الجزائرية سنة 1982، في إشارة إلى أن رئيسة وزراء بريطانيا رفضت استعمال إمكانيات الدولة البريطانية للبحث عن ابنها الذي اختفى عن الأنظار لمدة ستة أيام بعد مشاركته في سباق ''رالي باريس دكار''، مع العلم أن تاتشر اتهمت في تلك الفترة أن ابنها راح ضحية مواقفها الصارمة إزاء عدد من القضايا الدولية في مقدمتها الملف الإيرلندي، وقد تمكن في حينها الجيش الجزائري من العثور على ابن رئيسة الوزراء ومرافقيه تائهين في الصحراء، وقد تنقل أفراد من عائلة تاتشر إلى الجزائر لمتابعة الأبحاث، فيما يرى المقربون من تاتشر أنها استغلت منصبها في تلك الفترة من خلال التقدم بطلب إلى الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد للبحث عن ابنها، وهو الموقف الذي ظلت المرأة الحديدية تحتفظ به للسلطات الجزائرية.