صحابية جليلة، كانت متزوجة من ثابت بن الضحاك فولدت له زيد بن ثابت وأخوه يزيد، قُتل زوجها يوم بعاث وكان عمر زيد ست سنوات، ثمّ تزوّجها عمارة بن حزم، وهو من أهل بدر وشهد المشاهد كلّها مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. كانت هذه المرأة أُمًّا كريمة شهمة حكيمة، آمنت بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قبل مقدمه المدينة، فراحت تُغَذّي زَيْدًا على مائدة القرآن وحفظه، وحبّ المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم، وقد عرف قلب زيد الصغير طعم هذا الحبّ وبركته من أوّل يوم التقى فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقد كان لقاء كرم وحُسن ضيافة، إذ كانت أوّل هدية أُهْدِيَت للحبيب المصطفى حين نزل بدار أبي أيوب الأنصاري، قصعة من طعام جاء بها زيد، أرسلته بها أمّه النوار. يروي زيد رضي اللّه عنه قصة هذه الهدية فيقول: ''أوّل هدية دخلت على رسول اللّه في بيت أبي أيوب، قصعة أرسلتني بها أمّي إليه، فيها خبز مثرود بسمن ولبن، فوضعتها بين يديه، وقلت: يا رسول اللّه، أرسلت بهذه القصعة أمّي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ''بارَك اللّه فيك وفي أمّك'' ثلاث، ودَعَا أصحابه فأكلوا. وكان بيت النوار أطول بيت حول المسجد النّبويّ الشّريف، تقول رضي اللّه عنها: ''كان بيتي أطول بيت حول المسجد، فكان بلال رضي اللّه عنه يؤذِّن فوقه من أوّل ما أذَّن، إلى أن بنى رسول اللّه مسجده، وكان يؤذّن بعد ذلك على ظهر المسجد، وقد رفع له شيء فوق ظهره''. مضت وفي يدها مشعل نور يهديها إلى الجنّة وإلى رضوان اللّه عزّ وجلّ سابقتها، وعملها الصّالح، هذا الابن الّذي ربّته فأحسنت تربيته، فجمع القرآن فأحسن الأمانة في جمعه.