أكّد الأستاذ عبد الحميد القضاة، المدير التنفيذي لمشروع وقاية الشباب من الأمراض المنقولة جنسيا بالاتحاد العالمي للجمعيات الطبية الإسلامية، أنّ ''للإسلام حلولاً عملية حقيقية لو أخذت بها الحكومات لحُلّت مشاكل الشباب''. وأوضح، في حوار ل''الخبر'' على هامش الدورة التكوينية التي نظّمتها جمعية ''جزائر الخير''، بأنّ سبب انحطاط مجتمعاتنا المعاصرة يكمن في ''قلّة دينها وتقواها وضعف إيمانها''. كيف ترون حال المجتمع في الوطن العربي؟ هناك تغيّرات كبيرة جدًّا في الحالة الاجتماعية في العالم العربي نتيجة ضغط الأفراد والنّاس وحتّى الحكومات لتطبيق شرع الله، وبالتالي ظهرت أمور كثيرة أثّرت على العلاقات الاجتماعية، وبدأت بعض السلوكيات السلبية بالظهور وكان لها انعكاس بشكل عام على الحالة الاجتماعية في بلادنا العربية، وكان للعولمة الأثر الكبير في ذلك، حيث تسلّلت من خلال الأنترنت والفضائيات على مستوى العالم، فأثّروا بها على سلوكيات الفرد العربي، وبالتالي ظهرت بعض السلوكيات الاجتماعية السلبية والتراجع في الترابط الأسري. إلى أيّ مدى يمكن للدول الإسلامية والعربية مقاومة ضغوط الغرب وقوانينه التي تنافي الفطرة والتي مرّرها عبر الأمم المتحدة؟ l لا يصح إلاّ الصّحيح، والقويّ لن يبقى قويًّا إلى الأبد والضعيف لن يبقى ضعيفًا إلى الأبد، هذه موازين تتغيّر رغم كثرة السلبيات في الحالة الاجتماعية وممارسات الشباب في بلادنا العربية والإسلامية، إلاّ أنّني أرى بوادر خير ونهضة وتقدّم في الاتجاه السّليم والصّحيح، لكنّه بطيء، يمكن أن ينطبق عليه المثل الإنجليزي ''بطيء لكنّه في الاتجاه الصّحيح''. والله تبارك وتعالى لن يضيّع مثل هؤلاء النّاس رغم قلّة إمكاناتهم وربّما كثرة الشّياطين التي تقف ئلاأمامهم، إلاّ أنّ الله تعالى لن يضيّع عباده الصّالحين. وأنا أعتقد أن الخير قادم، وكثرة العاملين خاصة من فئة الشباب في الأعمال الجادة الصّحيحة، وهذه نواة المشروع النهضوي الإسلامي الّذي سيكون له شأن مستقبلي إن شاء الله. كيف عالج الإسلام هذه الظواهر؟ وضع الإسلام مبادئ عامة ليُربَّى عليها الطفل منذ البداية، وفي نفس الوقت وضع أمورًا لسدّ الذرائع حتى لا تُفتح أيّ باب لتعاطي الخمر أو المخدرات أو الزنا أو الشذوذ وما شابه ذلك، ولكن قبل ذلك أوجد الإسلام حلولاً عملية حقيقية لو أخذت بها الحكومات لحُلّت مشاكل الشباب، كمنع الاختلاط والعري والتسكع في الشّوارع وإغلاق علب اللّيل والملاهي الليلية ومنع الأفلام الإباحية في الفضائيات ومن خلال الأنترنت. لكنّي أعتقد أنّ الحكام في بلادنا العربية والإسلامية راضون عن هذا الأمر، لأنّ هذا يُلهي الشباب، في حين أوجد الإسلام العديد من الحلول التي تعطي للشباب حقوقهم لضبط الغريزة الجنسية بالطريق الحلال والضّوابط الشّرعية من خلال الزّواج، قال عليه الصّلاة والسّلام: ''يا معشر الشباب مَن استطاع منكم الباءة فليتزوّج، فمَن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وِجاء''، لكن الإنسان يصوم فترة من الزمن، وفي النهاية هذه غريزة إنسانية يجب أن تُشبَع، والإسلام اعترف بها وأوجد لها ضوابط معيّنة، وإن لم تُشبَع بزوجة واحدة فيمكن أن يتزوج بثانية، كما أمر الإسلام المرأة بالستر، وأمرنا بغض البصر. ولو كان الحكام ببلادنا جادون في تطبيق الإسلام {لفتحنا عليهم بركات من السّماء والأرض} الآية، وكما فعل عمر بن عبد العزيز في الفترة ما بين 30 و35 شهر، فترة حكمه، حيث استلم مجتمعا فاسدا، بعيدا عن الإسلام، ومع هذا كان كلّ يوم يمحو بدعة ويضع أمامها سُنّة. ففي فترة وجيزة جدًّا فاض بيت مال المسلمين، حتّى أنّ الولاة شكوا عدم وجود مَن يأخذ الزّكاة، فقال لهم زوّجوا العزّاب، ففاض بيت المال أكثر. فقال: سدّدوا ديونهم، ففاض أكثر، فقال: اشتروا لكلّ واحد مركبة، جمل أو فرس، ففاض أيضًا، فقال: اشتروا قمحًا وانثروه في الجبال حتّى لا يمرّ طائر في بلاد المسلمين ويبقى جائع. فنحن لدينا الآن خيرات وتكنولوجيا وعلم ومعرفة أكثر من الزمن الأوّل، لكن عندنا قلّة دين وتقوى وضعف الإيمان، وبالتالي حجبت علينا الكثير من الأمور، فالإسلام أوجد لهذه الأمور حلولا جذرية وليست ترقيعية كما هو الآن. وهل لهذه الظواهر علاقة بما يسمّى بالإعجاز العلمي في القرآن والسنّة؟ نعم، قولا واحدا، إذا كان الرّسول صلّى الله عليه وسلّم قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا يقول: ''ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتّى يُعلنُوا بها إلاّ ظهرت فيهم الطواعن'' أو في لفظ آخر ''الوباء والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم''، هذه الأمراض كانت في السابق خمسة، والآن أصبحت عشرة أضعاف، بسبب انتشار الفاحشة، يعني وصلت ما بين أمراض وإصابات إلى خمسين نوعا، وبالتالي هذا أمر رهيب. فهذا إعجاز يُظهِر صِدق الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، لأنّه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلاّ وحي يُوحى، فمن أين هذه المعجزات في وقت لم تكتشف مثل هذه الأمراض وهذه الجراثيم ولا حتّى هذه الآفات؟ ولكنّه من عِلم الله الذي أعطاه إيّاه. ثمّ لاحظ أيضًا قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: ''إذا استحلّت أمّتي خمسًا فعليهم الدمار: إذا ظهر التلاعن، وشربوا الخمور، ولبسوا الحرير، واتّخذوا القيّان (يعني الملاهي الليلية) واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء (الشذوذ الجنسي)''، فهذا الذي يحصل الآن. فما يحدث الآن هو سبق من الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، قاله ليحذّرنا من الوقوع فيه حتّى نتجنّب الأمور التي توصلنا إلى هذه الأمراض والمصائب وهذا الدمار.