قال أنّ العالم وخاصة اليهود منهم رفعوا شعار "الجنس والانحلال الأخلاقي عناصر المعركة القادمة"، وعلينا أن نواجههم ونردّ هذه الرذيلة بشعار "يدا بيد لحماية ووقاية الشباب من الأمراض المتنقلة جنسيا والإيدز"، هو المدير التنفيذي لمشروع وقاية الشباب من الأمراض المنقولة جنسيا بالإتحاد العالمي للجمعيات الطبية والإسلامية وصاحب براءات الاختراع في مجال تشخيص الأمراض المنقولة جنسيا في بريطانيا، كما أنّ له أكثر من خمسة عشر كتابا في الاختصاص وهو أيضا أستاذ في الجراثيم الطبية بالجامعات الأردنية ومدير المختبرات الطبية التخصصية بالأردن، هو الدكتور عبد الحميد القضاة، الذي نزل ضيفا على الجزائر في إطار دورة تكوينية نظمتها جمعية جزائر الخير، تحدثت معه "الحياة العربية"، وبكلّ رحابة صدر شاركنا بعض أفكاره، وكان لنا معه الحوار التالي: حاورته: أسماء زبار أوّلا نرحّب بكم في بلدكم الثاني؟ بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، شكرا لمن كان سببا في هذا اللقاء، في الجزائر الحبيبة، في جزائر الخير، وشكرا لك كمندوبة للعمل الصحفي وللجريدة لأنّها تهتمّ بمشاكل الشباب. ما هي نظرتكم لواقع الشباب الجزائري؟ الشباب العربي في الجزائر كما رأيته يعاني من مشاكل كثيرة كباقي أقرانهم في الدول العربية الأخرى، حرم من حقوق عديدة، في ما منح السلطات المعنية للهاته الفئة، أشياء ظاهرها ايجابي لكنّ باطنها سلبي، كالرياضة مثلا، إذ تقدّم جوائز ضخمة وتشجيعية للرياضيين، وبنت الملاعب ومراكز رياضية، حيث تستوعب المباريات الرياضية الآلاف من الشباب المتفرج، الذين يلجون الملاعب منذ الصباح الباكر، ويؤذن الظهر والعصر والمغرب والعشاء ولا أحد يولي للأمر أهميّة. نحن مع الرياضة ونحبها والرسول صلى الله عليه وسلم قال "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"، لكنّ الرياضة التي لا تلهي عن ذكر الله تعالى، والشحن الروحي يجب أن يتوازى مع الشحن الجسدي، وأنا أعتقد أن الإعلام لم يسلّط الضوء على الجانب التحسيسي والتوجيهي، إذ هناك إجحاف في البرامج والحصص المخصصة للشباب، خصوصا الدينية منها التي تحذره من الوقوع في الحرام. كما أنّ شّباب اليوم يعاني من ضغوطات كثيرة كتلك الخاصة بالزواج، كغلاء المهور، السّكن، فاليوم يعاني العديد من الشباب رغم أنّ الكثير منهم يملكون شهادات لكن العمل غير موجود والفرصة لا تتاح لهم، وهم قادرون على الإنتاج والعمل لكن الفرصة غائبة تماما، فمن أين يعيشون ومن أين يتزوجون. هذه المشاكل وغيرها توقعهم في الرذيلة، والرذيلة لها أعوان وشياطين كثر فمعظم الأمور تدعو إلى الرذيلة كالاختلاط في الجامعات والانترنت والفضائيات الخليعة ومظاهر التعري في الشارع، وكلّ الأشياء الجاذبة التي تدفع بالشباب إلى عالم الفسق والمعاصي. .. ما هي أهمّ الأمور التي ترونها تهدد بتدمير مستقبل الشباب؟ الحقيقة أنّ أكثر شيء يضغط على الشباب هي غرائزهم، خاصة وأنّ الأعداء عرفوا ذلك وانتبهوا له فركّزوا عليه، وبروتوكولات حكم الصهيون تعمل على تدمير الأخلاق في المجتمعات العربية لتنشر سيطرتها بالكامل، كما أنّ غياب القيم والتعلق بالشهوة الجنسية وللأسف الشباب هم أكثر من طغت عليهم هذه المفسدات، فهم اليوم أمام ضغط هذه المغريات الجنسية التي تسهّل لهم طرق الرذائل والوقوع في الحرام، إذ رفع العالم وخاصة اليهود منهم شعار "الجنس والانحلال الأخلاقي عناصر المعركة القادمة" هذا لإسقاط الشباب في المحرّمات، لأنّ الجاري وراء غرائزه الجنسية لا يدافع عن نفسه، يصبح تائها في ملذاته فقط. في نظركم، من المسؤول عن تفشي هذه الظواهر؟ المسؤول الأوّل عن هذه الظواهر اللاأخلاقية في أوساط شبابنا هم الشباب في حدّ ذاتهم، لأنّهم ابتعدوا عن الدّين الإسلامي وعن القرآن وعن السّنة النبوية الشريفة، وانشغالهم بأمور أخرى دخيلة وبعيدة عن قيمنا وديننا. والسبّب الثاني هو غياب التوعية على جميع المستويات سواء في البيوت أو المدارس، أوفي المساجد والجامعات...، وأيضا تأثير الفضائيات والانترنت على أخلاق الشباب بسبب التأثر الكبير بالثقافات الغربية البعيدة عن ما جاء في الإسلام. ومن بين الأسباب أيضا انشغال المسؤولين بأمورهم الخاصة وإهمال الاهتمام بالشباب وتشغيلهم ومنحهم الفرص لبناء حياتهم، وهناك سبب رئيسي أيضا لا يمكن إغفاله هو الانتشار الكبير للمخدّرات في أوساط الشباب. ..هناك الكثير من الشّباب من يقول لا يوجد في القران حلول للغرائز الجنسية، ما هو تفسيركم؟ هذا إدعاء غير صحيح تماما، فالآيات القرآنية والأحاديث النبوية جاءت تحث العباد على الزواج بل هو في الإسلام نصف الدين، قال تعالى "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم تحثّ على الزواج ونصح الآباء على تيسيره وتخفيف المهور فقال عليه الصلاة والسلام" أقلهن مهراً أكثرهن بركة"، وقوله " فاظفر بذات الدين تربت يداك"، هذا هو هدف الإسلام في المؤسسة الزوجية أن تستمر وتبنى على أسس الدين الحنيف، وجاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِيعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاءٌ"، هنا أوصى الرسول بالصيام لأنّه صبر، فالصيام ليس حلاّ نهائيا بل الغرض منه هو الصبر ومن يصبر يجعل الله له خيرا كبيرا . قال تعالى "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ" فأجر الصابر كبير عند الله. كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف"، فلا يقول الشاب أنّه لا توجد حلول في القرآن والسنة بل الحلول كلّها موجودة، والشيطان هو الذي يسوّد للشباب أفكار غير صحيحة، فالقرآن الكريم يشجّع على الزواج والأخلاق ومكارمها. .. من كلامكم نستنتج أنّ هناك بعض الشباب لا يفهمون آيات القرآن؟ أجل، نشير هنا إلى أنّ معظم الشباب لا يفهمون القرآن جيدا ومن هذا المنبر أناشد وأطالب العلماء والأئمة أن يفسّروا القرآن الكريم لهم في حلقات ودوارات لأنّهم إذا عرفوا وفهموا جيدا القرآن طبقوا تعاليمه السامية، فالشباب لهم طاقات كبيرة يجب الاعتناء بها والاستفادة منها في الخير والبركة والعمل التعاوني. ..أنتم صاحب براءات الاختراع في مجال تشخيص الأمراض المنقولة جنسيا في بريطانيا، هل لكم أن تحدّثون عن ذلك؟ في البداية، يجب أن نقول أنّه هناك من يروّج للفواحش ويدفع الشباب لارتكابها عن طريق تعبيد وتسهيل السبل لهاته المحرّمات، والإيدز هو واحد من الأمراض الكثيرة المتنقلة جنسيا لأنّه المرض الأخطر والأفتك. كما أنّ الإعلام يركّز على الايدز لأمور مقصودة أخطرها برنامج "الجنس الآمن" الذي جاءت به الأمم المتّحدة في مؤتمر بكين 2005، حين أراد الغرب نشر أفكاره وقيمه في مجتمعاتنا، لم يجد أفضل من الأممالمتحدة ومؤتمراتها وتوصياتها ومقرراتها ليدخل بها علينا، ثم يجعل لهذه المصطلحات والتوصيات في قوة القانون الملزم، يهدف من ورائه لحزمة كبيرة من عمليات الفساد والإفساد يحثون فيها الشباب على فعل الحرام باستعمال الواقي مع الشريك، وكأنّ هذا العازل يقي من الأمراض المتنقلة جنسيا، إذ يستغلون ضعف الشباب ووجود الشيطان والظروف المحيطة بهم لإفسادهم، فالشاب إذا شعر أنه آمن من هذه الأمراض لما يستعمل العازل يساعده ذلك في ارتكاب الزنا لكنّه لا يعلم أنّه قد يصاب بأمراض أخرى أخطر من الايدز كسرطان الفم والجلد والثدي، وغيرها من الأمراض الفتاكة التي تنتقل جنسيا، والايدز إنّما هو واحد من آلاف الأمراض المتنقلة جنسيا ناتجة عن ارتكاب الزنا والشذوذ الجنسي والمخدّرات، فالجنس الآمن لا يوجد إلّا في الزواج فقط. ..هناك جمعيات كثيرة تهتم بهذه الأمراض مثل الايدز لكن هناك فصل بين الجانب الطبي والديني؟ بعض الجمعيات المدنية والرّسمية يكون تمويلها من الخارج يعطونهم أموالا للقيام بفعاليات ولكن معها تعليمات محدّدة من طرف الدولة المموّلة، نحن مثلا في الأردن لدينا جمعية لمكافحة الإيدز تمويلها 8 ملايين دولار في السّنة وأنا أول عربي يكتب كتابا بعنوان"الايدز عقوبة إلهية" لكنّني لست عضوا فيها لأنّني أطرح الجانب الشرعي الإسلامي، رفعوا شعار "استعملوا الواقي مع الشريك" ووضعوه في الجامعات لمكافحة انتشار الايدز لأنّه مكتوب في الجامعات البريطانية والأمريكية وغيرها..هل هذه هي الوقاية؟ هل نخاطب الشباب المسلم هكذا؟ كيف يمكننا أن نوعيه بمثل هذه الشعارات؟ بل هدفهم إشاعة الزّنا وتحطيم العقائد الإسلامية، الواجب كتب الآية القرآنية "وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا". لكن هناك جمعيات أخرى مثل "جزائر الخير" تحب الوطن والشباب وتعمل بالدّين الإسلامي. ..ما هو تقييمكم للدورة التدريبية في الجزائر مع جمعية "جزائر الخير"؟ ما شاء الله، أنا معجب جدّا بمستوى المشاركين في الدورة التدريبية من خلال نقاشاتهم الهادفة التي تدل على مدى اهتمامهم بالموضوع وانتمائهم الحقيقي للشريعة الإسلامية، للرقي بالشباب إلى المستوى الرفيع القائم على الدين الإسلامي والمعرفة الصحيحة، وطوال سنوات تدريبي لم أتعب في المناقشات مثلما تعبت في هاته الدورة، وأنا جدّ مسرور بهذا التفاعل الكبير والاهتمام من طرف المشاركين. الدورة هي 122 في العالم وهي من الدورات النادرة لأنّه من خلال الدورات السابقة، المرأة هي الأكثر عطاء وعددا، لكن في هذه الدورة عدد الرجال أكثر وهذا ليس إجحافا في حقّ المرأة لكن هذا يوحي بأنّه إذا كان مستوى الرجال في الجزائر هكذا فكيف هو مستوى النّساء ما شاء الله أنا معجب جدّا بهاته المشاركة الناجحة. ..ما مدى نجاح هذه الدورات وهل هي قادرة على حلّ بعض من هذه المشاكل؟ هناك شيء في العالم اسمه الثورة الجنسية هاته الثورة هي عولمة الرذيلة ونشرها في كلّ مكان، ومشروعنا هو مشروع للردّ على هذه الرذيلة نكافحها لنشر الفضيلة وشعارنا هو"يدا بيد لوقاية الشباب" لذلك قرّرنا أن نعمل عملا جماعيا من خلال الدورات التكوينية للأئمة والوعاظ والمعلّمين والخطباء... وبالتعاون مع الجمعيات المدنية والرسمية مثل جمعية "جزائر الخير" لإعطاء هذه التكوينات التي توحي بالرغبة والاندفاع للعمل سويا ونشر الأمور الوقائية وليست العلاجية لأنّ الوقاية خير من العلاج، فنحن لدينا 95 بالمائة غير مصابين بالايدز، إذا استطعنا أن نبقي هاته النسبة هكذا من خلال مشاريعنا فسنتغلّب على الرذيلة والسوء. وأنا متأكّد أنّنا سننجح في هذا الأمر من خلال مساعدة الناس والمختصين لرفع منسوب الوعي الوقائي في المجتمعات، فالشباب يرون ما يقدّمه أعضاؤنا عبر العالم ويعرفون خطر هذه الأمراض وماذا تفعله بالمصاب بها، يخافون على أنفسهم ولا يتقربون منها، كما نهدف أيضا إلى رفع منسوب الإيمان عند الشباب حتى يخافون أوّلا من الله تعالى ثم يخافون على أنفسهم من الإصابة بهذه الأمراض. والحقيقة من خلال الرسائل الالكترونية والفايسبوك نرى أنّ التفاعل عظيم جدّا مع المشروع وشَعرنا أنّ أناس كثر رجعوا إلى دينهم بعدما رأوا وسمعوا ما سمعوا عن هذه الأمراض. .. كيف تقيّم الإعلام العربي الإسلامي في محاربة مثل هذه الظواهر؟ الإعلام الإسلامي ضعيف و"إعلام الشيطان" قوي جدّا، فنحن لا نملك فضائيات كثير تقوم بالتوعية ومثل هذه المبادرات والحملات الوقائية الهادفة للخير. هل من كلمة أخيرة؟ ندعو في الجزائر وغيرها من البلدان الإسلامية إلى ضرورة عودة الشباب إلى الدين والاخلاق الحسنة والتمسك به لأنّ الإسلام هو الذي يصنع الإنسان الصالح في كلّ مكان وزمان، الإنسان الذي حيثما وقع نفع. فموضوع الجنس هو أكثر الأمور التي تدمّر الشباب فتسيطر عليهم الشياطين، والمخدرات هي التي تبعدهم عن الدّين وتفسد المجتمع برمته. أشكر الجزائر والشعب الجزائري وكلّ المشاركين في الدورة التدريبية، وأتمنى لهم التوفيق في مسارهم التوعوي الوقائي في مجال وقاية الشباب وحمايتهم، وادعوا كافة الشباب إلى الرجوع والتمسك بالعقيدة الإسلامية السمحاء.