جددت مدينة تيزي وزو، أمس، العهد مع جو المسيرات الاحتجاجية بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين للربيع الأمازيغي، حيث سار مواطنون ومناضلون في مسيرتين منفصلتين، إحداهما نظمتهما ''الحركة من أجل الحكم الذاتي لمنطقة القبائل''، والثانية نظمها حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذي لم يتوان في التأكيد على استعداده للعمل مع الحركة المذكورة. المسيرتان اللتان لم تفصل بينهما سوى أمتار قليلة، انطلقتا من نفس النقطة وانتهتا في مكان واحد. وقد أوقفت مصالح الشرطة الرقم الثاني في جبهة الإنقاذ المحلة، علي بن حاج، دقائق قبل انطلاق المسيرتين، حيث كان بصدد المشاركة في إحداهما، ولم يتأكد إن كان بن حاج ينوي السير مع حركة الحكم الذاتي أم مع حزب الأرسيدي. وانطلقت المسيرة الأولى المنظمة من طرف ''الحركة'' على الساعة الحادية عشرة والنصف، من مدخل جامعة ''مولود معمري''، وقد رفع المشاركون لافتات تطالب بالحكم الذاتي للمنطقة، وتوقيف ''التحرش القضائي'' ضد زعيم الحركة، فرحات مهني. وقد سار المشاركون عبر شارع لمالي أحمد، والشارع الرئيسي للمدينة قبل أن يفترقوا أمام مبنى البلدية القديم. ولم تختلف مسيرة الأرسيدي عن سابقتها، حيث انطلقت دقائق فقط بعد الأولى من نفس النقطة، وانتهت في نفس النقطة أيضا. وشهدت مسيرة الأرسيدي مشاركة رئيس الحزب، محسن بلعباس، وإطارات الحزب، وقد رفع المشاركون فيها لافتات تطالب برحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. كما طالب الحزب ''بحل مديرية الاستعلامات والأمن''، وهي الهيئة التي اصطلح عليها الأرسيدي ''الشرطة السياسية''، كما رددوا شعارات تقليدية على غرار ''النظام مجرم''. ومر المتظاهرون عبر شارع لمالي أحمد، قبل أن يتوقفوا أمام دار الثقافة ''مولود معمري''، حيث رشق بعض المشاركين في المسيرة دار الثقافة بقطع نقدية، ولوحوا بأوراق نقدية، في إشارة منهم إلى مدير الثقافة، ولد علي الهادي، الذي كان عضوا بارزا في الحزب قبل أن ينشق عنه ويعين مديرا للثقافة، حيث ردد الغاضبون شعارات مناوئة له. وتواصلت المسيرة عبر شارع هواري بومدين لتنتهي حيث انتهت مسيرة ''الماك'' في الساحة المقابلة لمبنى البلدية القديم. وفي كلمة ألقاها في ختام التظاهرة، أكد عضو مجلس الأمة عن الأرسيدي، محمد إخربان، أن سكان المنطقة ''قدموا درسا للسلطة بتنظيمهم مسيرتين سلميتين على غرار الشعوب المتقدمة''. وأعرب إخربان عن استعداد حزبه للعمل مع حركة مهني ''رغم اختلافنا في بعض الأمور، إلا أن بعض الأهداف مشتركة كالاعتراف باللغة الأمازيغية''. وأضاف المتحدث أن الأرسيدي مستعد للعمل والاتحاد مع كل الأطراف المعارضة للنظام. وقد افترق المشاركون في المسيرتين في هدوء. وعلى عكس السنوات الماضية، فإن الحركة في المدينة سارت بصفة عادية، وبقيت المحلات التجارية مفتوحة، وقد أطر المسيرتين أعوان الشرطة، حيث قاموا بتحويل حركة المرور في المسالك التي مرت بها المسيرتان، كما فضلت السلطة عدم استعراض قوات مكافحة الشغب، إلا أنه لوحظت تعزيزات أمنية أمام المرافق والإدارات العمومية وعلى رأسها دار الثقافة ''مولود معمري''. وإذا كانت شوارع مدينة تيزي وزو شهدت أمس مسيرتين أعادتا إلى الأذهان عهد الاحتجاجات وعصر المطالب السياسية، خصوصا في عهد السرية، فإن السلطة بدورها، وعبر مديرية الثقافة لولاية تيزي وزو، أحيت الذكرى بصفة رسمية، حيث احتضنت دار الثقافة ''مولود معمري'' عدة تظاهرات ثقافية ومحاضرات ومعارض نشطها مناضلون سابقون في القضية الأمازيغية، مثلما سعت المديرية إلى توسيع تخليد الذكرى عبر أغلب بلديات الولاية، وهي محاولة من السلطة للتأكيد على أحقيتها في إحياء ذكرى كانت على مدى أزيد من عقدين مناسبة للاحتجاجات والمطالب السياسية، ومناسبة للتذكير بآلام أحداث 20 أفريل 1980 التي كانت جامعة ''مولود معمري'' مسرحا لها وخلفت عشرات الجرحى.