صدر للباحث الجزائري، الدكتور محمد جعدي، بفرنسا، كتاب ''منارات الشاطئ الأزرق''، في طبعة فاخرة في 104 صفحة من الحجم الكبير، حيث استهلّ المؤلّف كتابه بتوضيح الأسباب الّتي شجّعته على إحصاء المباني ذات المنارات، وسبب اختياره لمنطقة الشاطئ الأزرق ''كوت دازور''. وتساءل المصنّف عن دعوى مهاجمة المنارات، إذ أنّها طالما انتمت إلى ديكور المنطقة التي عرفت عبر الزمن تنوّعًا ثقافيًا بتنوع طبيعتها. وتناول الكاتب في المبحث الأوّل نبذة تاريخية عن نشأة المنارات، حيث ذكر أنّها كانت في بادئ الأمر من أجل الحاجة كالحماية من العوامل الطبيعية، واستدلال المصلّين إلى المسجد في الظلام بوضع مصابيح زيتية.. وكان ذلك في عهد الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، غير أنّ أوّل مسجد زُوِّد بمنارات هو مسجد الخليفة الوليد بدمشق في 705 ه، لتتّخذ المنارات بعد ذلك أشكالاً وخصائص تعدّدت بتعدّد العصور. وتطرّق المؤلف في المبحث الثاني إلى مساجد الساحل الأزرق، بداية من جذور كلمة ''مسجد'' واشتقاقها، وتطرّق إلى ثلاثة أمثلة عالجها بالوصف والتحليل. وعالج في المبحث الثالث، الاستشراق، الطابع المغاربي ومناراته، جمال منطقة الشاطئ الأزرق واعتدال مناخها، ما جعل أفواجًا من نخب الشعوب تحجّ إليها لتستقر وتؤسّس فيها مجتمعات متكاملة، وهذا يعود إلى القرن التاسع عشر، إذ كان للاستشراق دور في نقل الهندسة الإسلامية والطابع المغاربي العربي والإفريقي إلى المنطقة. وأدرج تحت عنوان ''فنادق وملاهٍ ذات منارات'' 6 منشآت يحتوي كلّ منها على عنوان ثان ''فيلات مغاربية ومناراتها''، بدا لنا جليًّا اهتمام العالم آنذاك بالهندسة المعمارية العربية الإسلامية مع تعدّد الأمثلة. وخلص المؤلّف، في ختام كتابه، إلى أنّ منطقة الشاطئ الأزرق غنية بتنوّعها الإنساني والثقافي والهندسي والديني، وقد ساهم وجود المنارات فيها في تجميلها وكذا في ترجمة الثقافة الإسلامية في أغلب مدنها، إضافة إلى الرسالة التي تتمثل في التعايش في وئام واحترام بين الثقافات والأديان. وأخيرًا، تطرّق الدكتور محمد جعدي إلى إخماد الفتنة المتعلّقة بالتواجد الإسلامي في فرنسا.