نزلت ''الخبر'' إلى الشارع للبحث عن مدلولات الجمل والعبارات التي تحملها الرايات واللافتات التي تغزو أزقة العاصمة قبل كل عرس كروي. تعتبر الرايات أحد أشكال التعبير التي يستخدمها المناصرون في دعم فرقهم خلال المباريات، حيث تعتبر تقليدا اعتاد عليه الشباب قبل حضور أي مباراة. وتطغى شعارات التحدي وعبارات التشجيع عادة، حيث يقوم أبناء الحومة الواحدة بالتعاون على جمع مبلغ مالي يكفي لشراء الأقمشة ومستلزمات التلوين، في حين يتكفل في أحيان أخرى رؤساء مؤسسات ورجال أعمال وميسورون بتكلفتها لدعم فريقهم المفضل. في حي مالاكوف كانت راية كبيرة باللونين الأحمر والأسود معلقة فوق عمارة ذات أربعة طوابق، امتدت من السطح إلى غاية الطابق الأول، ولفتت انتباه كل المارة، وأمام ملعب بولوغين كانت راية المولودية العملاقة تكتسح أجواء الحي، والتي يصل طولها إلى 120متر ويبلغ ارتفاعها 20 مترا. ومرورا بحي الساعات الثلاث في باب الواد المعروف بجمهوره الكروي العريض، صادفنا مجموعة هائلة من الرايات للفريقين معلقة بين العمارات الواحدة تلو الأخرى، حيث قابلتنا راية للمولودية كتب عليها ''في ذكرى أخانا ويطو الذي لن ننساه أبدا'' وكان المدعو ويطو مناصرا وفيا ومحبا مجنونا بالمولودية توفي قبل أشهر، واختار أبناء الحي تخليد ذكراه. وتلت راية ''ويطو'' راية الاتحاد التي تحمل شعار ''فن، كرة، جهاد.. ثقافة الاتحاد أمانة تركها الأجداد''، والتي تشير إلى معنى عميق بالارتباط الدائم بين الفن والكرة في إشارة إلى الفنان الهاشمي فروابي الذي كان مناصرا وفيا للفريق، والكرة التي ترمز حسب أبناء الحي إلى اللاعب السابق في فريق الاتحاد المدعو ''كدو''، أما الجهاد فيشير إلى المجاهد ياسف سعدي. الصورة التي ميزت شارع نيلسون كانت تلك الرايتين المعلقتين بإحدى العمارات والتي تعبر عن الأخوة والصداقة بين أنصار الفريقين، حيث كانت الأولى للمولودية التي كتب عليها باللغة الإيطالية ''تي آمو مولودية''، بمعنى ''نحبك يا المولودية'' والراية الثانية تحمل كلمة ''لاقرينتا'' بمعنى حرارة اللاعبين فوق أرضية الميدان وحرارة الأنصار في المدرجات، وكانت أسفلها مباشرة راية الاتحاد التي تحمل عنوان ''حنا كاليتي ماشي كونتيتي''، في إشارة إلى نوعية جمهور الاتحاد رغم قلته مقارنة بأنصار المولودية وطريقتهم الحضارية في التشجيع. وحملت الكثير من الرايات شعارات حاول أصحابها النيل من معنويات أنصار الفريق المنافس، خاصة في معاقل الفريقين، إلا أن مشجعي الفريقين تقبلوها بروح رياضية، ولعل أصدق مثال على ذلك أن الكثير من رايات الفريقين كانت معلقة جنبا إلى جنب في باب الواد وسوسطارة. وحافظ ''المسامعية'' المعروفون بأهازيجهم الخاصة في الملاعب على سمعتهم بأنهم ''ناس فن''، وهو ما عبّرت عنه راية عملاقة في باب الوادي أيضا امتدت باللونين الأحمر والأسود بين شارعين، غير بعيد عن راية أخرى للعميد، كتب عليها بالبنط العريض وباللون الأبيض ''فن، كرة، جهاد، ثقافة، الاتحاد أمانة تركها الأجداد''. ولم تسع اللغة العربية والفرنسية أنصار فريق دهام فكتب مشجعو الفريق في باب جديد باللغة الإيطالية ''أبناء باب جديد أوفياء للاتحاد''. ولو أن العلاقة بين الفريقين الجارين لا تشوبها حساسية زائدة حتى في معاقل الفريقين، إلا أنصار المولودية خارج الحي العتيق كانت لهجة شعاراتهم على الرايات أكثر حدة، وأغربها كانت في حي حيدرة الراقي، أين علقت راية عملاقة غير بعيد عن ساحة القدس، كتب عليها باللغة الفرنسية ''اسحقوهم''، وهي عبارة لم نجدها حتى في باب الوادي وباب جديد ومعاقل العميد. بينما حملت باقي الرايات تمجيدا لإنجازات العميد وآمالا في اقتناص النجمة السابعة على قميص رفقاء جاليط، فأكد أنصار العميد على أنهم فعلا الأكثر عددا، حيث كانت الرايات من باب الواد إلى الأبيار وعين النعجة وشوفالي تحمل عبارة واحدة ''أوفياء للمولودية''.