كيف تقيمون مستوى حرية مهنة الدفاع بالجزائر وبشمال إفريقيا عموما ؟ من خلال احتكاكي بالزملاء في عدة بلدان مغاربية وإفريقية، ومن خلال ما لاحظته من مداخلات الزملاء المحامين المشاركين في ملتقى تلمسان، وما طرحوه من إشكاليات، شعرت بأن النظام قوي ويخنق حرية الدفاع. ماذا تقصدون بقوة النظام ؟ كل بلد يحتاج إلى مجهودات إضافية لإقامة وترسيخ الديمقراطية. فرنسا مثلا تحتاج أيضا إلى مجهود للمضي نحو واقع ديمقراطي أفضل. قلت لك شعرت بأن المنظومة القانونية في الجزائر قوية وبشكل يجعل الإدارة أكثر بيروقراطية، وهو ما لاحظته من خلال مداخلات المحامين وتظلماتهم من بيروقراطية الإدارة. والإدارة هي نظام الحكم وليس شيئا آخر. وفي النظم الديمقراطية، الإدارة تكون في خدمة الحريات وليس في خدمة النظام. وهل تتلقون كاتحاد دولي شكاوى من محامين جزائريين تخص حرية مهنة الدفاع ؟ نتلقى شكاوى عديدة من محامين من دول مختلفة. مثلا، الأسبوع الماضي، كنت في إسطنبول للنظر في قضية نقيب منظمة المحامين الأتراك الموجود في السجن، لأنه رافع لصالح معارضين سياسيين أتراك وهذا غير معقول إطلاقا. وصراحة لم تصلنا من الجزائر أي شكاوى من المحامين، وهذا دليل أنهم يخوضون نضالا هادئا لتكريس حرية المهنة، رغم قوة النظام من حيث ترسانة القوانين المعمول بها. هل تعتقدون أن الفساد والرشوة عائقان أمام قدوم الاستثمارات الأجنبية إلى الجزائر؟ أظن أن قاعدة 51/49 بالمائة التي تجعل من المستثمر الأجنبي ذا أقلية أبدية من حيث رأس المال مثبطة نوعا ما وغير مشجعة لتحديث اقتصاد البلد ولقدوم المستثمرين الأجانب. وإن كان هذا أمرا سياديا يخص الدولة، فأرى أن مرونة المنظومة التشريعية وانفتاحها هو الحل. أما بخصوص الفساد والرشوة فهو مشكل دولي، وقليلة هي الدول التي لا تعاني من هذه المعضلة. ونحن في الاتحاد الدولي سننظم ملتقى في مكاوو قرب هونغ كونغ في 31 أكتوبر المقبل لمناقشة موضوع الفساد، وكيفية التعامل مع قضاياه كمحامين. وأكيد أن تفشي الفساد يبقى عائقا وحاجزا كبيرا أمام تطور الاقتصاد للدول، ويعيق قدوم المستثمرين. ونحن كاتحاد دولي لنا تقارير دورية تتابع وضعية حقوق الإنسان، وحرية الدفاع في الكثير من الدول، ونهتم أكثر بحقوق المحامين وحرية الدفاع، والمضايقات التي تكون ضدهم من أمريكا الجنوبية إلى العراق والشرق الأقصى، وعشرات المحامين يطلبون مساعدتنا للقيام بمهامهم على أحسن وجه. يطرح بعض المحامين الشباب خاصة بالجزائر، ارتفاع قيمة الاشتراك المالي في المنظمة الدولية للمحامين؟ الجزائر دولة غنية، لست أنا الذي يقول هذا. تقارير الأممالمتحدة هي التي تتحدث ونحن نطبق الاشتراكات الأقل ارتفاعا مقارنة بمنظمات دولية أخرى. وصحيح أن الاشتراك بالنسبة للمحامين الجزائريين أكثر منه مقارنة بزملائهم في المغرب وتونس، لأن الواقع الاقتصادي يختلف. ونحن نوظف هذه الأموال في إقامة المؤتمرات والملتقيات التكوينية للمحامين على المستوى الدولي وإذا كان لابد من مراجعة، فقد نعيد النظر في الأمر مستقبلا. وكيف تقيمون ملتقى تلمسان الدولي حول الاستثمار الأجنبي في الجزائر؟ خرجت من هذا الملتقى بثلاثة انطباعات أساسية، أولا عدد المشاركين كان كبيرا، فعادة ننظم ملتقيات يحضرها أربعون إلى خمسين مشاركا، ونحن بهذه القاعة قرابة الألف مشارك. والانطباع الثاني هو القيمة التقنية للمواضيع المثارة والمختارة، فكانت فعلا إشكاليات واقعية، وكانت الملاحظات دقيقة ومهمة حول موضوع الاستثمار الأجنبي. وثالثا ارتحت لمستوى تدخلات المحامين ومدى حرية التعبير، فنقاشهم كان دون حدود، ورأيت كيف كانوا يطالبون بتغيير القوانين المعيقة للاستثمار، وهذا شيء مهم جدا لرصيد مهنة الدفاع في الجزائر.