نفى الأستاذ علي سعدان بن بابا، مدرس الأدب بجامعة السربون بباريس ومختص في الشعر العربي خاصة الموشح والزجل، أن يكون لليهود أي دور في نشر الفن الأندلسي الأصيل ولكن تعلموه بفضل العرب. وكشف عن نقاط أخرى في هذا الحوار مع ''الخبر''، على هامش الملتقى الوطني الأول حول النوبة المعاصرة بسكيكدة. يجهل الكثير من عشاق الأندلسي معنى النوبة؟ النوبة بالنسبة إلينا تراث موسيقي يتكون تقريبا من 600 إلى 650 قطعة شعرية وتقريبا 500 لحن في المدارس الثلاث بين تلمسانوالجزائر العاصمة وقسنطينة والمغرب العربي، وهذه النوبة لها فنانين مختصين بها وظهورها يعود إلى القرن السابع عشر. يقول اليهود بأنهم كانوا وراء تطوير الفن الأندلسي والمحافظة عليه، هل هذا صحيح؟ عاش اليهود في المغرب وفي الأندلس وكان تعايشهم مع المسلمين سلمي وحضاري وكانت الواسطة بينهم اللغة العربية الدارجة والتراث الموسيقي، حيث خلقوا تناسقا وانسجاما وتناغما مع المسلمين خاصة في مجال الموسيقى فتبادلوا الألحان والأشعار، وعاش اليهود وقتها عصرا ذهبيا في الأندلس بعد احتكاكهم بالمسلمين الذين سهلوا لهم كل شيء بما في ذلك الولوج إلى التراث الموسيقي والبحث فيه البعض يقولون بأن الفن الأندلسي استقدم من المشرق ما رأيكم؟ لنا معلومات تفيد بأن الفن الأندلسي ظهر في العهد العباسي، لكن الحقيقة أن الموشح ظهر في الأندلس وليس بالمشرق، كما يتغنى به البعض من المشارقة. الأندلسيون هم الذين تغنوا بهذا النوع من الموشح الشعري الجديد، الذي خرج عن القواعد القديمة، حيث ركزوا على البحث في الموسيقى وقدموا أغراضا جديدة في الغناء والشعر خاصة بالمجتمع الأندلسي.. إذن من الناحية الشعرية، عندنا دلائل تؤكد أن هذا النوع من الغناء يعود إلى حقبة تواجد المسلمين في الأندلس. وطبعا إما أنه نقل إلى المغرب وإما أن المغاربة نقلوا الموشحات التي تتناسب مع الأندلسية. في الوقت الحاضر ينسب الأندلسي إلى زرياب؟ بقي الناس إلى وقت قريب حتى في سنوات القرن الماضي، يعتقدون بأن زرياب هو أب النوبة الأندلسية فأصبح ترسيخا وحقيقة بالتعود والتداول. عندما يظهر أي ابتكار في مرحلة ما وفي أي مجال يبحثون له عن أصل ومرجع وعمن يُنسب إليه. وأختلف مع كثير من الدارسين حول مصادر الفن الأندلسي وأن التجار العرب والجاريات هم من نقلوه إلى الأندلس. بالعودة إلى تاريخ الفن الأندلسي، لم يكن زرياب من نشر هذا النوع الموسيقي في الأندلس، بعد أن انتقل إليه من المشرق. والخلاصة في هذه الحكاية أن زرياب عاش تقريبا 30 سنة في الأندلس ولكن ليس لنا مراجع واضحة تؤكد من أين بدا هذا النظام الموسيقي، الذي نُسب إلى زرياب الذي يقال بأنه مبدع هذا النوع الموسيقي، في غياب إجابة صحيحة علمية عن منشأ النوبة، كما يمارسها الفنانين اليوم. من خلال كلامك نفهم بأن النوبة ليس لها مصدرا؟ نعم.. يمكن قول ذلك، فقد اختلف الباحثون والدارسون حول نسب وأصل النوبة الأندلسية وكل له أسباب في نسبها إلى جهة ما. هناك من ينسبها للمغرب العربي، فيقول أنها مغاربية، أو أندلسية، أو عربية لأن كلمات الموشحات عربية، وإن كانت أغراض هذا الشعر ظهرت في الأندلس وطبيعة الجزل أندلسي، حيث إذا نظرنا إلى بعض الموشحات فيها إشارة إلى الأندلس، كما أن هناك إشارات بأن شعرها عربي، بالإضافة إلى أنه لا يمكن أن نجهل دور الفنانين المغاربة في نقل هذا الفن، ولكن يبقى أنه أندلسي. الفن الأندلسي مهدّد بالزوال ما رأيكم؟ الفن الأندلسي لا يزول لأنه مكتوب، وحتى لو أن الجيل الحالي لا يهتم به، قد يأتي جيل ويحتضنه. والدليل على ذلك أنه في المهجر عندما تنظم حفلات بالمركز الثقافي الجزائري أو بالمعهد العربي تكتظ القاعة بالجمهور، بما فيهم الفرنسيين، وهذا دليل على أن هذا النوع من الموسيقى له عشاقه، وقد اطلعت على ذلك من خلال التوافد الكبير على الكتابين المترجمين اللذين أصدرتهما حول الفن الأندلسي وهما ''القلم والصوت والريشة'' والثاني ''نتائج النصوص في النادي الأندلسي'' وهذا الكتاب باللغتين العربية والفرنسية، وسوف يصدر كتاب ثالث حول ''اختلاف لحظة حول السعر الأندلسي''، عكس الجزائر مثلا ،حيث تنظم حفلات والدخول مجاني، لكن لا يحضرها الجمهور عكس حفلات أغنية الراي والأغاني الراقصة، وهذا ربما راجع إلى نقص الإعلام لهذا النوع من الفن الأصيل.