لم تحظ تعليمة الوزير الأول، التي تدعو أعضاء الحكومة إلى استشارة المواطنين لضبط حاجياتهم الاجتماعية والاقتصادية، بالعناية والاهتمام، بل أبدى بعض الوزراء في قطاعات لها علاقة بالحياة اليومية للمواطنين تهاونا في توزيع التعليمة، فيما امتنعت دوائر وزارية أخرى عن نشرها، بعد أن تأكد لها بأنها غير قادرة على تحسين الإطار المعيشي للسكان المحرومين ولا ترى فائدة من استشارتهم. أمرت تعليمة الوزير الأول عبد المالك سلال، الصادرة في 3 مارس الفارط وتحمل رقم ,67 أعضاء الحكومة باستشارة المواطنين من أجل ضبط حاجياتهم وتنظيم حياتهم الاقتصادية والاجتماعية، من خلال الأدوات التي تتوفر عليها والمتمثلة تحديدا في المبادرة بالقوانين، لافتا في ذات المراسلة إلى أن الاستشارة مكرسة في الدستور بغرض التوفيق بين ضرورات العمل الحكومي وتطلعات المجتمع. وللقيام بذلك، أمر عبد المالك سلال أعضاء الحكومة باستطلاع رأي المواطن في التنظيمات التي تؤثر مباشرة على تنظيم الحياة الاجتماعية والثقافية كلما كان ذلك ممكنا، على حد ما جاء في التعليمة التي جاءت بغرض، يقول الوزير الأول، إضفاء الشفافية على عمل الحكومة وتحسينه ونجاعته، من خلال الحث على إقحام المواطنين وإشراكهم وكسب انخراطهم في السياسات العمومية التي يتم تصورها ووضعها، ''وإني واثق'' والكلام لسلال ''بأن ذلك من شأنه أن يسمح بتفادي الاختلالات الناتجة عن بعض الإنجازات غير المتكيفة والمتباينة أحيانا مع الواقع الميداني''. ورغم مرور شهرين ونصف شهر على إصدار هذه التعليمة، لم يستشر المواطن في أي قضية من القضايا، ووجد عبد المالك سلال نفسه في لقاءات جمعته مع مواطنين وممثلين عن المجتمع المدني في الولايات التي زارها، آخرها ولاية الأغواط، يشكونه ظلم السلطات المحلية وعدم إيلاء أي أهمية لانشغالاتهم، وكان مواطن قد طرح على الوزير الأول خلال زيارته إلى ولاية الأغواط قضيته التي لم تلق صدى عند الوالي، في حين تلقى التجاوب كتابيا عندما راسل الوزارة الأولى، وهو ما دفع عبد المالك سلال، في خرجاته الميدانية إلى الولايات، إلى تنبيه طاقمه الحكومي إلى ضرورة التدخل والتكفل بصفة حقيقية بالانشغالات والمشاكل التي يطرحها السكان، سواء تلك المتعلقة بدفع عجلة التنمية في جميع القطاعات، أو تلك الخاصة بالشغل الذي شكل النقطة المحورية في لائحة مطالب الشباب البطال في كل ولاية حل بها.