عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضي اللهُ عنه قال: قالَ رسُولُ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ''كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ..''، رواه البخاري ومسلم. لقد خصّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم السُّلاَمِيَّات بالذِّكر في حديثه، لِمَا فيها من تنظيم وجمال، ومرونة وتقابل. والسلامى هي عظام الكف والأصابع والأرجل، والمراد، في هذا الحديث، جميع أعضاء جسم الإنسان ومفاصله. ومعنى ''تعدل بين اثنين'' أي تحكم بالعدل بين متخاصمين. والعدل بين المتخاصمين والمتهاجرين إنّما يكون بالحكم العادل، وبالصُّلح بينهما صُلحًا جائزًا، لا يُحِلُّ حرامًا ولا يُحَرِّم حلالاً، وهو من أفضل القربات وأكمل العبادات، قال اللّه تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} الحجرات:01، وقال سبحانه: {لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ}، والإصلاح بين المتخاصمين أو المتهاجرين صدقة عليهما، لوقايتهما ممّا يترتّب على الخصام من قبيح الأقوال والأفعال، ولذلك كان واجبًا على الكفاية، وجاز الكذب فيه مبالغة في وقوع الأُلفة بين المسلمين.