غالبية الأكراد لم يشاركوا في مظاهرات "تقسيم" وإلا لاحترقت اسطنبول اعتبر المحلل السياسي التركي، عمر فاروق كوركماز، أن المؤامرة على تركيا مازالت مستمرة، رغم طرد المعتصمين من ميدان “تقسيم”، ورغم مليونية اسطنبول التي عبّرت عن رفضها لمطالب المحتجين اليساريين في “تقسيم”، معتبرا أن الشعب التركي تعاطف مع حديقة جيزي لما كان الأمر يتعلق بالبيئة. أما الآن بعدما انكشفت حقيقة مطالب المجموعات اليسارية المتطرفة، نفض الشعب يديه عنهم. مليون شخص احتشدوا في زيتون بورنو باسطنبول لحضور تجمع أردوغان، فما هي الرسالة التي يريد أن يوصلها أبناء اسطنبول للمحتجين في “تقسيم” وللأتراك والعالم؟ هذا القطاع من الشعب الذين يؤيدون حزب العدالة والتنمية بشكل عام، كانوا مضطهدين إلى غاية 2002 وجربوا عليهم كل المظالم الرسمية، حيث منعوهم من العمل في مؤسسات الدولة، خاصة بالنسبة للمحجبات، ومنعوهم من الدراسة في الجامعات، يعني حرموا من أشياء كثيرة، ولكنهم لم يلجأوا في أي يوم من الأيام إلى العنف ولا التشدد، وهؤلاء يمثلون أكثر من 80 بالمائة من الشعب التركي، ولا أقصد بهم من أيدوا حزب العدالة والتنمية، الآن الذين لم يستطيعوا أن ينافسوا حزب العدالة والتنمية عبر صناديق الاقتراع يلجأون إلى العنف بطريقة غير معقولة، فهم لا يريدون أن يحتكموا إلى الصناديق ولا إلى الشعب.. لكن للأسف الشديد هذه المجموعات المتطرفة كانت موجودة، فهم الذين هجموا على السفارة الأمريكية، وهي معروفة باسم “دي آش بي كا”. هذه الخلايا كانت نائمة منذ 30 سنة، وبعد أن تفاهم حزب العدالة والتنمية مع حزب العمال الكردستاني، تحركوا، لأنهم الطابور الخامس بالنسبة لتركيا استخدموهم ضد الحكومة والشعب. قلت إن هؤلاء “المخربين” بالمئات، لكنهم قبل أزيد من أسبوع كانوا بعشرات الآلاف، وهذا ليس بالرقم الهين، كيف استطاعت المجموعات اليسارية المتطرفة حشد حتى مناصري الفرق الرياضية؟ أولا، تعداد الشعب التركي يبلغ 76 مليون نسمة، كل مجموعة بإمكانها أن تجمع عددا من العناصر. ولكن ما قلته صحيح في الأيام الأولى، لأن الموضوع كان متعلقا بحديقة جيزي التي هي قضية بيئية، والجميع أراد أن يقف مع هذه القضية، وأنا شخصيا كنت متعاطفا مع المعتصمين في حديقة جيزي. الجميع تعاطف معهم، لكن الأمر الآن تبين أن الموضوع أكبر من حديقة جيزي، لأن المشروع توقف حاليا وبدأ يزرع فيها أكثر مما هو موجود، فالموضوع كان مؤامرة كبيرة ليس فقط ضد حزب العدالة والتنمية، بل ضد الدولة في هذه المرحلة بالذات. ما رأيك فيمن وصف أحداث “تقسيم” بربيع تركي؟ @ الربيع التركي بدأ في 2002 وأثّر على المنطقة العربية، واليوم لا يمكن أن يعود مرة أخرى، لأن الوضع السابق في دول الربيع العربي يختلف عن الوضع الحالي في تركيا، لأن الديمقراطية مرسخة في تركيا، وفيها شعب يصوّت دون تزوير. وما يجري في تركيا هو في الحقيقة انتقام لسببين، الأول موضوع أسطول الحرية، فتركيا وقفت إلى حد ما وقفة جيدة، وإسرائيل ومن يقف معها تحالفوا ضد تركيا إلى حد كبير، لأن أحداث “تقسيم” حركوها في 31 ماي بشكل قوي، وهو اليوم الذي ضربت فيه إسرائيل أسطول الحرية في البحر الأبيض المتوسط. ثانيا: تركيا استطاعت التصالح مع تنظيم عبد الله أوجلان، وساعدها ذلك في تركيز جهوده على سوريا، وموضوع سوريا هو خط أحمر بالنسبة لكثير من الدول في المنطقة. هل تقصد روسيا بالذات، خاصة وأننا شاهدنا العديد من المعتصمين يرفعون صورا لشخصيات سوفيتية شيوعية مثل لينين؟ ظهور صور الشخصيات اليسارية، لا يعني أن روسيا تدعم مباشرة المعتصمين، لأن هؤلاء بقايا من الاتحاد السوفيتي القديم، ولكن هذا لا يعني أن روسيا لا تفرح لما يحدث في تركيا، لأن موسكو لا تريد بروز قوة عظمى في المنطقة. لماذا دعّم أوجولان، زعيم الأكراد، معتصمي “تقسيم” رغم أنه منذ أسابيع قليلة وقّع اتفاقا مع حكومة أردوغان؟ أنصار أوجلان لم يشاركوا في احتجاجات “تقسيم” ، حتى وإن رفع القليل منهم صوره، فحزب السلام الديمقراطي (حزب كردي) نبه عناصره أكثر من مرة أن لا ينخرطوا في هذه الأعمال. ولكن يجب الإشارة إلى أن هناك حلقة مشتركة بين الحركة الكردية اليسارية، والحركة اليسارية اليمينية، فهم كانوا في تنظيم واحد إلى غاية التسعينيات. ولما سقط الاتحاد السوفيتي، انقسموا إلى قسمين، تركي وآخر كردي، ومع ذلك لم يشارك غالبية الأكراد في المظاهرات، وإلا لأحرقوا اسطنبول كلها. هل أن طرد الشرطة للمعتصمين من حديقة جيزي والتأييد الشعبي الكبير الذي تلقاه أردوغان في تجمعي أنقرةواسطنبول يعني أن أزمة “تقسيم” انتهت؟ لا لم تنته، لأن هذه الأزمة لا علاقة لها بحديقة جيزي، فهذه مؤامرة خارجية بالتعاون مع عملاء في تركيا، لذلك لن تنتهي بسهولة، وأنا ألوم الحكومة لأنها تعاملت معهم بليونة وسمحت لهم أن يخربوا المحلات التجارية.