توقيف ستة أشخاص ومشادات بين المحتجين وعناصر الأمن كان شارع باستور خاليا من المارة أمس في حدود الساعة العاشرة صباحا بالقرب من مقر ولاية تلمسان، أين اتفق نشطاء الفايسبوك على الالتقاء لتنظيم مسيرة ووقفة احتجاج سلمية بعنوان ”العزة والكرامة بمحطات توزيع الوقود” بفعل ما أصبح يعانيه سكان عاصمة الزيانيين يوميا مع طوابير الانتظار بمحطات الوقود ومع تفاقم ظاهرة تهريب المازوت والبنزين نحو التراب المغربي. مع تواجد تعزيزات أمنية كبيرة أمام مقر الولاية بانتشار عناصر الشرطة بالزي الرسمي والمدني، ساد الاعتقاد أن الوقفة لن تكون، إلا أن الحضور بدأ بتوافد العشرات من المواطنين من المقيمين بمدينة تلمسان، ليرتفع العدد إلى حدود 200 شخص في حدود الساعة الحادية عشرة صباحا، أين ووجِه المتجمهرون بحزام أمني بشري، منعهم من التقدم نحو البوابة الرئيسية لمقر الولاية، لينزل إلى المكان موظفون من ديوان الوالي طلبوا تعيين ممثلين عن المحتجين لملاقاة الوالي بمكتبه. وفي هذه الأثناء بدأ المحتجون في ترديد شعارات وهتافات منددة بوضعية تنامي تهريب الوقود التي أصبحت تهدد النسيج الاجتماعي بالمنطقة، من ذلك ”كرهنا الحلابة”، وحمل بعضهم الأعلام الوطنية ولافتات كتبت عليها عدة شعارات وبكل اللغات من أجل توقيف ظاهرة التهريب، مثل تلك التي كتب عليها شاب عبارة ”باسطا” بالإسبانية، وتعني ”قف”. ”الخبر” اقتربت من بعض المحتجين وسألتهم عن المطالب المرفوعة، ليجيبنا أحدهم: ”إنهم من خيرة أبناء المدينة أطباء ومهندسون وأساتذة وشباب..لقد مللنا هذه الوضعية التي تركتها الدولة تتفاقم، وأصبحت تهدد حياتنا على الطرقات والمحطات من طرف سيارات الحلابة”. مواطن آخر قال: ”لم نأت لطلب شغل أو سكن..جئنا للمطالبة بحقنا في تعبئة سياراتنا بالوقود وبكرامة”، مضيفا: ”من غير الممكن أن تسوِّي الإدارة بيننا وبين المهربين”، في إشارة إلى القرار القاضي بتسقيف كميات التزود بالوقود الصادر مؤخرا. ومع تزايد أعداد المحتجين وتدخل أعوان الشرطة لمنع تقدمهم وإخلاء الطريق العمومي، حصلت بعض المشادات والمناوشات بالأيدي بين بعض المحتجين وعناصر من الشرطة، وانتظر الجميع خروج الوفد الذي التقى بالأمين العام للولاية بتكليف من الوالي ولمدة لم تزد عن بضع دقائق، حيث أكد لهم الأمين العام عزم الدولة بكل مصالحها على شن إجراءات صارمة بغية القضاء على ظاهرة التهريب، طالبا الصبر على الإجراءات المتعلقة بتسقيف التزود بالوقود لتظهر نتائجها على أرض الواقع مستقبلا، ليتفرق المحتجون على أمل الالتقاء والاحتجاج مجددا صبيحة كل أحد مثلما تم التصريح به بعين المكان. وفي لقائه ب”الخبر”، أكد الأمين العام لولاية تلمسان أنه وبتفويض من الوالي استقبل وفدا من ممثلي المواطنين الذين احتجوا صباح أمس أمام مقر الولاية تنديدا بغزو ”الحلابة” لمحطات توزيع الوقود، واستمع إلى انشغالاتهم، معتبرا أن الحركة الاحتجاجية كانت سلمية وتعبر عن عمق المواطنة ومدى معاناة المواطن من صعوبات يومية نتيجة اتساع المشتغلين في تهريب الوقود واستنزاف طاقة حيوية بتهريبها إلى بلد أجنبي حسب تعبيره. وعن نجاعة قرار التسقيف، قال ذات المسؤول إنه إجراء وقائي ستظهر نتائجه مستقبلا، وعلى المواطنين وفعاليات المجتمع المدني التعاون مع مصالح الإدارة وعناصر الأمن لتطبيق هذا الأجراء، الذي جاء استثنائيا واضطراريا بعد التصاعد الرهيب للكميات المهربة من الوقود نحو المغرب. الرجل الثاني في الولاية قال إن تقارير أمنية تشير إلى وجود عشرة آلاف مركبة على مستوى الولاية الحدودية تستعمل في تهريب الوقود، وأن مصالح الإدارة أعدت تقارير وافية حول الظاهرة أرسلت إلى السلطات العليا في البلاد، ونحن ننتظر التعليمات والقرارات المناسبة، ليؤكد في الأخير عن إطلاق سراح كل الموقوفين الذين اقتيدوا صباح أمس إلى مراكز الأمن بعد ساعات من توقيفهم.