مع حلول فصل الصيف، تتحول الجلفة إلى مقصد الكثير من سكان الجنوب، ما أدى الى ارتفاع أسعار إيجار المساكن التي تدرُّ على أصحابها مداخيل معتبرة تكفيهم لسد نفقات شهر رمضان ومتطلبات الدخول المدرسي. يمكنك أن تجد في الجلفة أي شي بسهولة أو بأقل جهد، لكن إن تمكنت من كراء شقة أو بيت مهما كانت حالته فسيكون إنجازا عظيما. فإن كانت الجلفة في عيون سكان الشمال ولاية جنوبية حارة صيفا ومعزولة، فهي ليست كذلك بالنسبة لسكان ورقلة وغرداية والوادي، الذين يعتبرونها ولاية ذات جو منعش وحراراة ملائمة، لدرجة أنهم يستغربون “ما داعي استعمال سكان الجلفة للمبردات؟”. وهذا ما جعل الآلاف من الأسر القاطنة بالجنوب تختار أن تقضي عطلتها السنوية بعاصمة اولاد نايل أو بإحدى بلدياتها: عين معبد، حاسي بحبح، الشارف ودار الشيوخ رغم التكاليف والمصاريف الضخمة. وعرفت الجلفة خلال السنوات الثلاث الماضية إقبالا غير عادي لآلاف الأسر التي فضلت الجلفة على بعض الولايات الساحلية الشمالية، وهذا ما ألهب سوق كراء العقار ليصل إيجار شقة ذات غرفتين إلى 15 ألف دينار للشهر كسعر أدنى، كما تجاوز سعر كراء شقة ذات ثلاث غرف تجاوز 35 ألف دينار. بالمقابل أصبحت العائلات القادمة من الولايات الجنوبية تؤجر لمدة ثلاثة أشهر مدة العطلة المدرسية ويدفعون مدة الإيجار كاملة، حتى أن شباب المنطقة صاروا سماسرة ووسطاء بين المستأجر وصاحب السكن. ورغم أن هذه العائلات وجدت حلا في قضاء الصيف والابتعاد عن الحر الشديد ومشكلة الانقطاعات الكهربائية التي زادت من معاناتهم، إلا أن الظاهرة ساهمت في غلاء الإيجار ووصوله إلى أسعار خيالية، ما جعل الكثير من الأسر الفقيرة تعجز عن دفع هذه الإيجارات، وهناك من تعرَّض للطرد من مسكن استأجره بعدما جاء عرض أكبر من غيره. فوائد تجارية ورافق هذا الالتهاب في أسعار كراء المساكن في الجلفة وضواحيها، انتعاش في الحركة التجارية غطى على هذا الغلاء، محولة حالة الركود إلى ديناميكية تدرُّ أرباحا طائلة على أصحاب المقاهي وسيارات النقل الحضري والمحلات التجارية وأسواق الخضر، دون إغفال محلات الخدمات من حمامات ومطاعم.